1/علي بن أبي طالب

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي . أبو الحسن. أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية ، أمير المؤمنين, رابع الخلفاء الراشدين, وأحد العشرة المبشرين بالجنة, وأول الفتيان إسلاما ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره وأحد الشجعان الأبطال ، ومن أكابر الخطباء والفصحاء والعلماء بالقضاء والفتيا. كان اللواء في يده في أكثر المشاهد , ولم يتخلف في مشهد من المشاهد إلا في غزوة تبوك ليرعى عياله.

اختاره عمر بن الخطاب بعد طعنه بين الستة من أصحاب الشورى ليخلفه ، وهم: علي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص. بويع بالخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان سنة 35هـ فقام أكابر الصحابة يطلبون القبض على قتلة عثمان وقتلهم, فتوقى علي الفتنة وتريث فغضبت عائشة أم المؤمنين وقام معها جمع كبير في مقدمتهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ، وبسبب اهل الفتنة الذين أرسلوا في الليل بعض المقاتلين ليغزو فريق علي والفريق الآخر ليعتقد كل فريق بان الفريق الآخر هو من غزاهم ؛ فتقاتلوا .
 وكانت وقعة الجمل سنة 36هـ وظفر علي بمقاتليه بعد أن بلغ عدد القتلى في الفريقين عشرة آلاف  .
 ثم كانت وقعة صفين  في نفس العام ، وخلاصة خبرها أن عليا عزل معاوية بن أبي سفيان من ولاية الشام يوم ولي الخلافة, ولم يأخذ برأي من أشار عليه بالتريث, فعصاه معاوية فاقتتلا مائة وعشرة أيام ، ولما رأى معاوية أن النصر اقترب من علي أشار عليه عمرو بن العاص برفع المصاحف وطلب التحكيم, فحكّم علي أبا موسي الأشعري وحكّم معاوية عمرا بن العاص.
ويروى أن عبد الله بن عباس قال لعلي: لا تحكِّم أبا موسى فإن معه رجلا حذرا قارحا ( أي مجربا للأمور ) - يقصد ابن العاص - فاجعلني معه , فقال علي: يا ابن عباس , ماذا أصنع؟ إنما أوتى من أصحابي, وقد ضعفت نيتهم وكلوا, فهذا الأشعث يقول: لا يكون في التحكيم مضريان حتى يكون أحدهما يمانيا ( وأبو موسى يماني ) . قال ابن عباس: فعرفت أنه مضطهد وعذرته, ومثل ذلك قال له الأحنف بن قيس وطلب أن يكون ابن عباس مع أبي موسى, فأبت اليمانية, وطلب ابن عباس أن يكون الأحنف مع أبي موسى فأبت اليمانية أيضا, فاجتمع الحكمان  واتفقا سرا على خلع علي ومعاوية وعلى رد الأمر للمسلمين, يختارون من يشاءون, وأعلن أبو موسى ذلك فخدعه ابن العاص وخالفه وأقر بمعاوية وعزل عليا, فافترق المسلمون ثلاث فرق: الأول بايع معاوية وهم أهل الشام والثاني حافظ على بيعته لعلي .
 اما الفريق الثالث - وهم الخوارج - فقد نقموا على علي لقبوله بالتحكيم وأنكروا أن يُحكِّم علي الرجال في حقه بالخلافة فهو صاحب هذا الحق وليس له أن يتنازل عنه ، فجادلهم علي وذكرهم أنهم هم الذين أرغموه على قبول التحكيم حين سئموا القتال , فلم يقتنعوا ... فكانت وقعة النهروان بينه وبينهم (سنة 38هـ) وفيها قضى على كثير منهم وتفرق من بقي حيا يدعون لمذهبهم الذي عرفوا به وهو الخوارج,كما عُرفوا أيضا بالحرورية نسبة إلى ( حروراء ) التي تجمعوا فيها وأعلنوا فيها خروجهم على علي, وكان منهم جماعة من كبار الصحابة, ويسمون أيضا بالشراة لأنهم شروا أنفسهم وابتاعوا آخرتهم بدنياهم.

أقام علي بعد ذلك بالكوفة وجعلها دار الخلافة إلى أن قتله عبد الرحمن بن ملجم الخارجي في مؤامرة يوم 17 رمضان سنة 40هـ, واختلف في مكان قبره, وكان عمره يوم قتل 63 سنة.

كان عبد الرحمن بن ملجم - قاتل علي - قد رأى امرأة من تيم الرباب يقال لها  قطام كانت من أجمل النساء ، ترى رأي الخوارج ، فلما أبصرها ابن ملجم عشقها فخطبها  فقالت : لا أتزوجك إلا على ثلاثة آلاف وعبد وقينة وقتل علي بن أبي طالب ، فتزوجها على ذلك ، فلما بنا بها قالت له : يا هذا ، قد فرغت من حاجتك ، فافرغ من حاجتي . فخرج وقتل علي .

وفي ذلك قال الشاعر  ابن مياس المرادي -:


         ولم أرى مهرا  ساقه  ذو سماحة           كمهر قطام  بيناً  غير  معجم

          
  ثــلاثــة آلاف  وعــبــد  وقـيـنــة           وقتل علي بالحسـام   المصمم
          فلا مهر أغلى من علي وإن غلا           ولا قتل إلا دون قتل ابن ملجم
 

 

2/ الحسن بن علي

هو الحسن بن علي بن أبي طالب . أبو محمد. خامس الخلفاء الراشدين وآخرهم. ثاني الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الإمامية. أمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو أكبر أولادها. كان عاقلا حكيما, محبا للخير فصيحا, من أحسن الناس منطقا وبديهة. بايعه أهل العراق بالخلافة بعد مقتل أبيه سنة 40هـ وأشاروا عليه بالسير إلى الشام لمحاربة معاوية فأطاعهم وزحف بمن معه. ولما بلغ معاوية قصده بجيش, وتقارب الجيشان في موضع يقال له (مسكن) بناحية الأنبار فهال الحسن أن يقتتل المسلمون ولم يستشعر الثقة بمن معه , فكتب إلى معاوية بتسليم الأمر إليه واشترط شروطا منها أن تكون الخلافة له من بعده وأن يقضي عنه ديونه ويجعل له خراج الأهواز وأن يحمل إلى أخيه الحسين ألفي ألف درهم وأن يفضّل بني هاشم في العطاء على بني عبد شمس ، ولم تكن هذه الشروط موضع نظر من معاوية فإنه كان مستعدا أن يعد بأي شيء نظير تنازل الحسن , ولذلك يقال إنه عندما عرف ميل الحسن للصلح على أساس تنازله لقاء شروط , أرسل إليه صحيفة بيضاء ممضاة ليكتب فيها ما يشاء من شروط.

 وتم الصلح على هذا الأساس, وتنازل الحسن لمعاوية وأعلن أنه سامع مطيع.

دخل معاوية بعد ذلك إلى الكوفة (ربيع الثاني سنة 41هـ) حيث التقى بالحسن فبايعه الحسن وبايعه الناس ومعهم الحسين وسمي ذلك العام (عام الجماعة) لاجتماع الناس فيه على خليفة واحد, وعاد معاوية إلى دمشق حيث اتخذها عاصمة للخلافة بعد أن كانت عاصمة أمارته, وعاد الحسن إلى المدينة وبقي فيها حتى توفي .

يروى انه لما نزل الحسن لمعاوية عن الخلافة من ورعه صيانة لدماء المسلمين ، كان له على معاوية في كل عام جائزة ، وكان يفد إليه ، فربما أجازه بأربعمائة ألف درهم ، وراتبه في كل سنة مائة ألف ، فانقطع سنة عن الذهاب ، وجاء وقت الجائزة ، فاحتاج الحسن إليها - وكان من أكرم الناس - فأراد أن يكتب إلى معاوية ليبعث بها إليه ، فلما نام تلك الليلة رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ، فقال له : " يا بني ، أتكتب إلى مخلوق بحاجتك ؟ ! " وعلمه دعاء يدعو به ، فترك الحسن ما كان هم به من الكتابة ، فذكره معاوية وافتقده ، وقال : ابعثوا إليه بمائتي ألف ، فلعل له ضرورة في تركه القدوم علينا . فحملت إليه من غير سؤال.

وذكروا أن الحسن رأى غلاما أسود يأكل من رغيف لقمة ، ويطعم كلبا  لقمة ، فقال له : ما حملك على هذا ؟ ! فقال : إني أستحي منه أن آكل ولا أطعمه . فقال له الحسن : لا تبرح من مكانك حتى آتيك . فذهب إلى سيده ، فاشتراه واشترى الحائط الذي هو فيه واعتقه وملكه الحائط ، فقال الغلام : يا مولاي ، قد وهبت الحائط للذي وهبتني له .

 وكانت مدة خلافته ستة أشهر, وقد توفي سنة49هـ وعمره 53 سنة.

وروى المسعودي في مروج الذهب : أنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، لأن أبا بكر رضي الله عنه ، تقلدها سنتين وثلاثة أشهر وثمانية أيام ، وعمر ، رضي الله عنه ، عشر سنين وستة أشهر ، وأربع ليال ، وعثمان رضي الله عنه ، إحدى عشرة سنة ، وأحد عشر شهرا  وثلاثة عشر يوما  ، وعلي رضي الله عنه  أربع سنين وسبعة أشهر ، إلا يوما  ، والحسن رضي الله عنه  ثمانية أشهر  وعشرة أيام ، فذلك ثلاثون سنة .
 

3/   الحسين بن علي 4-61هـ/625-680م

 

هو الحسين بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله, السبط الشهيد, ابن فاطمة الزهراء وحفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولد بالمدينة في السنة الرابعة للهجرة, ونشأ في بيت النبوة , وإليه ينسب كثير من الحسينيين, وهو الذي تأصلت بسببه العداوة بين بني هاشم وبني أمية حتى ذهبت بعرش الأمويين, وذلك أن معاوية لما توفي تخلف الحسين عن مبايعة ابنه يزيد ورحل إلى مكة في جماعة من أصحابه, فأقام شهرا, ودعاه أهل الكوفة أشياعه وأشياع أبيه وأخيه من قبله على أن يبايعوه بالخلافة, وكتبوا إليه أنهم في جيش مهيأ للوثوب على الأمويين ، فبعث الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى الكوفة ليتحقق مما كتبه أهل الكوفة فلما أتى الكوفة التف حوله الناس وبايعوا الحسين, فأرسل للحسين بذلك وطلب منه الحضور. وفي تلك الأثناء كان يزيد بن معاوية يرى أن الكوفة لا بد أن تؤخذ بالشدة فعزل عامله عليها - وكان النعمان بن بشير - وولى مكانه عبيد الله بن زياد الذي كان عامله على البصرة فضم إليه ولاية البلدين.
ولما وصل عبيد الله ابن زياد إلى الكوفة طلب مسلم بن عقيل فهرب منه واختبأ عند هانئ بن عروة أحد زعماء الكوفة يطلب حمايته, وما أن علم أهل الكوفة بالأمر حتى انفضوا عن مسلم, وعرف عبيد الله موضع مسلم فألقى القبض عليه وعلى هانئ بن عروة وقتلهما.

توجه الحسين إلى الكوفة ولم يعلم ما حل بابن عمه, وسار إليها على الرغم من تحذير عبد الله ابن عباس, وحمل الحسين معه نساءه وأطفاله وعبيده وقليلا من مريديه, وكان عددهم اثنين وتسعين نفرا. وفي الطريق قابله الفرزدق الشاعر, فسأله الحسين: بين لنا خبر الناس خلفك, فأجابه:  قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية, والقضاء ينزل من السماء, والله يفعل ما يشاء, فقال له: صدقت لله الأمر, والله يفعل ما يشاء, وكل يوم ربنا في شأن.

التقى الحسين في الطريق بمن أخبره بمقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ونصحه بالرجوع, ولكن أخوة مسلم بن عقيل قالوا: والله لا نبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا, فقال الحسين لأتباعه: من أحب منكم الانصراف فلينصرف, ليس عليه منا ذمام, فتفرق الناس عنه يمينا وشمالا وخاصة أولئك الذين انضموا إليه أثناء رحلته, ولم يبق معه إلا أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة وأفراد قليلون غيرهم.

أرسل عبيد الله بن زياد الحر بن يزيد التميمي على ألف فارس لاعتراض الحسين, فالتقى معه في مكان يدعى (ذوحسم) فلم يمسه بسوء, وكان يخشى إهراق دمه, ثم أرسل عبيد الله بن زياد عمر بن سعد بن أبي وقاص على أربعة آلاف من الجند, فاستطاع عمر أن يتفق مع الحسين على أن يعود إلى المدينة أو يسير إلى أي ثغر من ثغور المسلمين فيكون فيه مجاهدا في سبيل الله, أو يسير إلى يزيد ابن معاوية في دمشق ، وأرسل عمر بهذا إلى عبيد الله فأظهر الموافقة, ولكن رجلا من رؤساء هوازن يدعى شمر بن ذي الجوشن قال لعبيد الله: أتقبل هذا منه, والله لئن رحل من بلدك ولم يضع يده في يدك ليكونن أولى بالقوة والعزة, ولتكونن أولى بالضعف والعجز, فقال ابن زياد: نِعم ما رأيت, الرأي لك, وأرسل ابن زياد خطابا قاسيا لعمر بن سعد يأمره بأن يرسل الحسين إليه مع أصحابه, فإن أبى فليقاتله, وأبى الحسين الاستسلام, فلم يبق إلا الحرب. أرسل ابن زياد شمر بن ذي الجوشن لحرب الحسين, وأمره على الجند واشترك في حرب الحسين عمر بن سعد بن أبي وقاص ولكنه تحامى قتل الحسين, أما الحر التميمي فقد انضم إلى الحسين وقاتل معه وقتل.
دارت المعركة في كربلاء سنة 61هـ وكانت غير متكافئة, تساقط فيها أتباع الحسين واحدا بعد آخر وظل الحسين يحارب إلى أن ضربه زرعة بن شريك التميمي على عاتقه, ثم جاء سنان بن أنس فطعنه بالرمح وقضى عليه واحتز رأسه وقد وجدت به ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة, وكان قتله في العاشر من شهر محرم سنة إحدى وستين للهجرة.

قتل مع الحسين في معركة كربلاء أخوته: جعفر وعثمان والعباس ومحمد وعبيد الله وأبو بكر, وقتل ولداه: علي الأكبر وعبد الله, وقتل أولاد أخيه الحسن: أبو بكر والقاسم, وقتل أولاد عمه عقيل: عبد الله وجعفر وعبد الرحمن وآخرون من أبناء عمومته. لم ينج من آل الحسين في هذه المعركة سوى خمسة وهم: علي زين العابدين ابنه, وأخته زينب, وأخوه الأصغر عمر, وأختاه فاطمة وسكينة. وقد حمل هؤلاء مع رأس الحسين إلى الطاغية ابن زياد فأرسل الجميع إلى يزيد بن معاوية في دمشق . لقد جمعت ميتة الحسين ميتة الشهداء في التصور الديني للشيعة, فقد أصبحت فيما بعد ملتقى جميع النزعات المعادية للعرب (الشعوبية ) .

 

 

4/ على زين العابدين  38-95هـ / 680-737م  

 

هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي , الملقب بزين العابدين لعبادته ، ولد سنة 38 هـ ، أمه شاه زنان ـ أي ملكة النساء ـ بنت يزدجرد - آخر ملوك فارس - بن شهريار بن كسرى، سبيت في عهد عمر بن الخطاب في فتوح بلاد فارس وسبي معها أختان لها, فتزوج واحدة الحسين بن علي فولدت له عليا زين العابدين, وتزوج الثانية عبد الله بن عمر فأولدها سالما, وتزوج الثالثة محمد بن أبي بكر فأولدها القاسم.

زوجته فاطمه بنت الحسن بن علي .

هو رابع الأئمة ألاثني عشر الإمامية. من الفقهاء الحفاظ, كان ممن يضرب به المثل في الحلم والورع والجود.

 لم يكن للحسين بن علي بن أبي طالب عقب إلا ابنه علي, لأن أولاده قتلوا معه في وقعة كربلاء وجميع الحسينيين من نسله.

 كان يزيد بن معاوية  يكرمه ويعظمه ويجلسه معه، ولا يأكل إلا وهو عنده، ثم بعثه إلى المدينة، وكان بالمدينة محترماً معظماً، ومسجده بدمشق المنسوب إليه معروف وهو مشهد علي بالناحية الشرقية من جامع دمشق، وقد استقدمه عبد الملك بن مروان مرة أخرى إلى دمشق فاستشاره في جواب ملك الروم عن بعض ما كتب إليه فيه من أمر السكة وطراز القراطيس .

لم يكن لعلي بن الحسين أولاد سوى محمد الباقر من ابنة عمه الحسن ، فقال له مروان بن الحكم: لو اتخذت السراري يكثر أولادك، فقال: ليس لي ما أتسرى به، فأقرضه مائة ألف فاشترى له سراري فولدت له وكثر نسله، ثم لما مرض مروان أوصى أن لا يؤخذ من علي بن الحسين شيء مما كان أقرضه .

جميع الحسينيين من نسله رحمه الله. وذكروا أنه احترق البيت الذي هو فيه وهو قائم يصلي، فلما انصرف قالوا له: مالك لم تنصرف؟ فقال: إني اشتغلت عن هذه النار بالنار الأخرى، وكان إذا توضأ يصفر لونه، فإذا قام إلى الصلاة ارتعد ، فقيل له في ذلك، فقال: ألا تدرون بين يدي من أقوم ولمن أناجي؟
ولما حج أراد أن يلبي فارتعد وقال: أخشى أن أقول لبيك اللهم لبيك، فيقال لي: لا لبيك، فشجعوه على التلبية، فلما لبى غشي عليه حتى سقط عن الراحلة.
وذكروا أنه كان كثير الصدقة بالليل، وكان يقول: صدقة الليل تطفئ غضب الرب، وتنور القلب والقبر، وتكشف عن العبد ظلمة يوم القيامة، وقاسم الله تعالى ماله مرتين.
كان ناس بالمدينة يعيشون ولا يدرون من يعطيهم، فلما مات فقدوا ذلك فعرفوا أنه هو الذي كان يأتيهم في الليل بما يأتيهم به، وبعد وفاته وجدوا في ظهره وأكتافه أثر حمل الجراب إلى بيوت الأرامل والمساكين في الليل.
وقيل: إنه كان يعول مائة أهل بيت بالمدينة ولا يدرون بذلك حتى مات.
ونال منه رجل يوماً فجعل يتغافل عنه - يريه أنه لم يسمعه - فقال له الرجل: إياك أعني، فقال له علي: وعنك أغضي.
وخرج يوماً من المسجد فسبه رجل، فقام الناس إليه، فقال: دعوه، ثم أقبل عليه فقال: ما ستره الله عنك من عيوبنا أكثر، ألك حاجة نعينك عليها؟ فاستحيا الرجل فألقى إليه خميصة كانت عليه، وأمر له بألف درهم، فكان الرجل بعد ذلك إذا رآه يقول: إنك من أولاد الأنبياء.
واختصم مع حسن بن حسن - وكان بينهما منافسة - فنال منه حسن وهو ساكت، فلما كان الليل ذهب علي إلى منزله، فقال: يا ابن عم إن كنت صادقاً يغفر الله لي، وإن كنت كاذباً يغفر الله لك والسلام عليك، ثم رجع، فلحقه فصالحه.
وكان يقول: إذا قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار، وإن عبدوه محبة وشكراً، فتلك عبادة الأحرار الأخيار.
وقال الزهري: كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين، وما رأيت أفقه منه، وكان قليل الحديث، وكان من أفضل أهل بيته، وأحسنهم طاعة، وأحبهم إلى مروان وابنه عبد الملك.
بعث المختار إلى علي بن الحسين بمائة ألف ، فكره أن يقبلها وخاف أن يردها، فاحتبسها عنده، فلما قتل المختار كتب إلى عبد الملك بن مروان: إن المختار بعث إلى بمائة ألف فكرهت أن أقبلها وكرهت أن أردها، فابعث من يقبضها. فكتب إليه عبد الملك: يا ابن عم! خذها فقد طيبتها لك، فقبلها.
وذكروا أنه كان كثير البكاء فقيل له: في ذلك فقال: إن يعقوب عليه السلام بكى حتى ابيضت عيناه على يوسف، ولم يعلم أنه مات، وإني رأيت بضعة عشر من أهل بيتي يذبحون في غداة واحدة، فترون حزنهم يذهب من قلبي أبداً؟
وقال عبد الرزاق: سكبت جارية لعلي بن الحسين عليه ماء ليتوضأ، فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجه، فرفع رأسه إليها، فقالت الجارية: إن الله يقول: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران: 134].
فقال: و قد كظمت غيظي.
قالت: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}.
فقال: عفا الله عنك.
فقالت: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
قال: أنت حرة لوجه الله تعالى.
وجاء رجل فسأله متى يبعث علي؟ فقال: يبعث والله يوم القيامة و تهمُّه نفسه.
وقد روي أن هشام بن عبد الملك حج في خلافة أبيه فطاف بالبيت، فلما أراد أن يستلم الحجر لم يتمكن ، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين، فلما دنا من الحجر ليستلمه تنحى عنه الناس إجلالاً له وهيبةً واحتراماً، وهو في بزة حسنة، وشكل مليح، فقال أهل الشام لهشام: من هذا؟ فقال: لا أعرفه - استنقاصاً به واحتقاراً لئلا يرغب فيه أهل الشام ، وكان الفرزدق حاضرا ًفقال: أنا أعرفه، فقالوا: ومن هو؟ فقال الفرزدق :

هذا الذي تعرف البطحاء   وطأته   *    والبيت  يعرفـه   والحل  والحرم
هذا ابن  خير عباد   الله     كلهم    *   هذا  التقي   النقي   الطاهر  العلم
إذا  رأته   قريش     قال   قائلها    *    إلى مكارم  هذا    ينتـهي   الكرم
ينمى إلى ذروة العز التي قصرت   *    عن نيلها عرب  الإسلام   والعجم
يكاد    يمسكه  عرفان     راحته    *    ركن الحطيم  إذا  ما جاء   يستلم
يُغضي حياءً ويُغضى  من مهابته   *    فما    يكلـَّم     إلا حين      يبتسم
كلتا   يديه    غياث   عم  نفعهما    *    يستوكفان    ولا يعرو هما   العدم
فليس   قولك   مَن هذا؟  بضائره   *   العرب تعرف  من  أنكرت  والعجم


     
فغضب هشام من ذلك وأمر بحبس الفرزدق في عسفان بين مكة والمدينة، فلما بلغ ذلك علي زين العابدين  بعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم، فلم يقبلها، وقال: إنما قلت ما قلت لله عز وجل ونصرة للحق وقياماً بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذريته ولست أعتاض عن ذلك بشيء. فأرسل إليه علي بن الحسين يقول: قد علم الله صدق نيتك في ذلك وأقسمت عليك بالله لتقبلنها ، فتقبلها منه .


و كان عليا إذا مرت به الجنازة يقول هذين البيتين:


               نراع إذا الجنائز قابلتنا * ونلهو حين تمضي ذاهبات
               كروعة ثلة لمغار سبع *  فلما غاب  عادت  راتعات


عهد الإمام الحسين (عليه السلام) إلى سيدة زكية من أمهات أولاده بالقيام بحضانة ولده زين العابدين ورضاعته ورعايته بعد وفات أمه ، وقد عنيت به هذه المرأة الصالحة كأشد ما تكون العناية، فكانت ترعاه كما ترعى الأم الرءوم فلذة كبدها، فلم يخبره أحد بموت أمه إلا بعد أن كبر لئلا يحترق قلبه ويقلق باله.
وبعد أن كبر الإمام زين العابدين عليه السلام علم بموت أمه، وأدرك أن ما أسدته إليه هذه المربية الصالحة من ألوان البر والإحسان إنما كان خدمة له وتقرباً إلى الله، فقابل (عليه السلام) ذلك المعروف بكل ما تمكن عليه من أنواع الإحسان وقد بلغ من جميل بره بها أنه أمتنع أن يؤاكلها فلامه الناس وأخذوا يسألونه بإلحاح قائلين:
(أنت أبر الناس وأوصلهم رحماً فلماذا لا تؤاكل أمك؟...).
فأجابهم جواب من لم تشهد الدنيا مثل أدبه وكماله قائلاً:
(أخشى أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليها فأكون قد عققتها...)
 

من أقواله :

قال: إن الجسد إذا لم يمرض أشر وبطر، ولا خير في جسد يأشر ويبطر.
وقال فقد الأحبة غربة.
وقال  إن الله يحب المؤمن المذنب التواب.
ملوك عصره: يزيد بن معاوية، معاوية بن يزيد، مروان بن الحكم، عبد الملك بن مروان، الوليد بن عبد الملك.
وتوفي في الخامس والعشرين من المحرم سنة 95هـ  ودفن في البقيع مع عمه الحسن (عليه السلام).


 

 

 

5/ محمد الباقر

هو محمد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي. أبو جعفر. أمه فاطمه بنت الحسن بن علي ، لقب بالباقر لتبقره في العلم أي توسعه فيه واستنباطه الأحكام. تابعي جليل القدر. روى عنه ابنه جعفر الصادق والأعمش والأوزاعي وابن جريج والزهري وغيرهم. خامس الأئمة ألاثني عشر عند الإمامية. كان ناسكا متعبدا, ولد بالمدينة وتوفي بالحميمة سنة 114هـ ودفن بالمدينة, وعمره 54 سنة, وقيل 58 سنة.

 

 

 

 

 

 

زيد بن علي زين العابدين

 

لايعتبر من الأئمة الاثناعشرية فهو إمام فرقة الزيدية التي انتشرت في اليمن.

هو زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. يقال له زيد (الشهيد) .

فقيه خطيب, درس على واصل بن عطاء رأس المعتزلة, وقال عنه أبو حنيفة ما رأيت في زمانه أفقه منه ولا أبين منه. أرسل هشام بن عبد الملك في طلبه, فضيق عليه وحبسه خمسة أشهر ثم أطلقه وعاد إلى العراق, ولما أراد الرجوع إلى المدينة لحق به بعض أهل الكوفة يحرضونه على قتال الأمويين, وعادوا به إلى الكوفة ، وكان ذلك سنة 120هـ , وفي الكوفة بايعه أربعون ألفا .

نشبت بينه وبين عامل العراق يوسف بن عمر الثقفي معركة, فتناقص رجاله من صفوفه حتى بقي في عدد قليل فظل يجاهد بهم جهادا لا أمل فيه حتى هوى صريعا ودفن أتباعه جثته.

 سأله شيعة العراق الذين اجتمعوا حوله عن أبي بكر وعمر فأثنى عليهما, وطلبوا منه أن يتبرأ منهما ليحاربوا معه فأبى ، فتركوه ورفضوا أن يحاربوا معه ، فسموا بالرافضة ، وبقي اسم الزيدية على من بقي معه, وإليه تنسب الطوائف الزيدية ، والزيدية هي أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة.

تقول الزيدية بوجوب الإمامة كالاثني عشرية، ولكنها تذهب إلى أن النبي  حين أوصى للإمام لم يعينه بالاسم، بل عرَّفه بالوصف، وأن الأوصاف التي ذكرت لم تكتمل في أحد اكتمالها في علي، ولهذا ينبغي أن يكون الإمام علي الخليفة بعد الرسول. وحددت الزيدية للإمام شروطًا معينة هي أن يكون هاشميًا ورعًا تقيًا عالماً سخيًا، وأن يخرج داعيًا لنفسه. واشترطوا، بعد علي، أن يكون الإمام فاطميًا، أي من ذرية فاطمة رضي الله عنها سواء أكانوا من أولاد الحسن أم كانوا من أولاد الحسين.
وقالت الزيدية ـ خلافًا للاثني عشرية ـ بجواز إمامة الفاضل مع وجود الأفضل ، وعلى هذا فإن إمامة أبي بكر وعمر وعثمان  جائزة مع وجود علي، ذلك لأن تلك الصفات التي يجب توافرها في الإمام هي صفات الإمام الكامل، والذي هو أولى بالإمامة من غيره، فإن اختارت الأمة إمامًا لم يستوف بعض هذه الصفات وبايعته صحت إمامته ولزمت بيعته ،  وأجازت الزيدية البيعة لإمامين في إقليمين مختلفين، وأنكرت ما ذهبت إليه الاثنا عشرية من القول بعصمة الأئمة والرجعة والتقية.

كانت ثورة زيد بن علي فاتحة سلسلة طويلة من الحركات الشيعية التي أدت آخر الأمر إلى سقوط الأمويين.

في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) أسس أتباع زيد بن علي دولة في اليمن تقوم على المذهب الزيدي ، وقد ثبتت على زعازع القرون المتطاولة حتى انقضت في عهد آخر أئمتها ، الإمام أحمد بن يحيى ، في الستينات من  القرن العشرين .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

6/ جعفر الصادق 80-148هـ / 699-765م

هو جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب . أبو عبد الله, الملقب بالصادق لصدقه في القول . أمه أم فروة أسماء بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق . هو عند الشيعة الاثني عشرية والشيعة الإسماعيلية  آخر إمام اعترفت به الشيعتان, ثم اختلفتا, فادعت الاثنا عشرية أن الإمامة انتقلت منه إلى ابنه موسى الكاظم وادعت الإسماعيلية أن الإمامة انتقلت منه إلى ابنه إسماعيل . كان من أجلاء التابعين, وله منزلة رفيعة في العلم . روى عنه مالك وأبو حنيفة وواصل بن عطاء وكثيرون من العلماء . يدور عليه وعلى أبيه محمد الباقر فقه الشيعة . لم يشترك في الفتن التي قام بها بعض أفراد الأسرة العلوية من أبناء الحسن والحسين, وظل محايدا لذلك عاش بسلام وتفرغ للعلم فكان فقيها مثاليا, ويعتبره الشيعة الاثنا عشرية صاحب مذهبهم لذلك دعوا بالجعفرية . كان من أقواله: إياكم والخصومة في الدين, فإنها تشغل القلوب وتورث النفاق. ولد ومات في المدينة ودفن بالبقيع عام 148هـ وكان عمره 68 سنة .

 

 

 

 

7/ موسى الكاظم

هو موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب أبو الحسن. سادس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. كان يلقب بالكاظم، لأنه كان يحسن لمن أساء إليه. ولد في الأبواء قرب المدينة وسكن المدينة وكان من سادات بني هاشم، ومن أعبد أهل زمانه، وأحد كبار العلماء الأجواد. أقدمه الخليفة المهدي إلى بغداد وحبسه عند الربيع بن يونس ثم أطلقه ورده إلى المدينة ولما تولى الرشيد الخلافة بلغه أن الناس يبايعون للكاظم في المدينة فلما حج مر بها سنة 179 هـ فاحتمله معه إلى البصرة وحبسه عند واليها عيسى بن جعفر سنة ثم نقله إلى بغداد ودفعه إلى الفضل بن يحيي البرمكي وأراد منه أن يتناوله بالعقوبة. وبلغ الرشيد أنه عنده في رفاهية وسعة، فحوله إلى السندي بن شاهك وظل عنده إلى أن مات ودفن في بغداد .

 

 

 

 

 

 

 

8/ على الرضا

هو علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو الحسن، الملقب بالرضا. ثامن الأئمة الاثني عشرية عند الإمامية. ولد بالمدينة عام 148هـ وكان من أجلاء السادة أهل البيت وفضلائهم.

كانت أمه حبشية فولد أسود اللون ، أحبه المأمون فعهد إليه بالخلافة من بعده وزوجه ابنته أم حبيب وزوج ابنه محمد بأختها أم الفضل وضرب اسمه على الدينار والدرهم وغير من أجله الزي العباسي الذي هو السواد فجعله أخضر، وكان هذا اللون شعار أهل البيت ، وكان ذلك بتحريض من وزيره الفضل بن سهل الذي حسن له نقل الخلافة من بعده للعلويين.

أدى ما فعله المأمون إلى اضطراب العراق، فثار أهل بغداد وخلعوا المأمون وبايعوا لعمه إبراهيم بن المهدي فسيطر على السواد والكوفة والمدائن وما حولها ، ولما علم المأمون بالأمر قرر أن يذهب إلى بغداد ، ومعه علي الرضا ، فهرب إبراهيم بن المهدي واختفي ثماني سنوات، ثم استسلم بعد ذلك وعفا عنه المأمون.  ولما وصل المأمون إلى مدينة طوس ( مشهد بإيران ) أقام فيها أيام ومات بها علي  الرضا من عنب أكله ، ويقول الشيعة  بأن المأمون دس له السم في العنب ، بينما المأمون وهو الذي لقبه الرضا، وضرب الدراهم باسمه، كما انه زوج ابنه محمد من أبنته الثانية ومما ورد في هذا قول الطبري رحمه الله في أحداث سنة202هـ (وفيها زوج المأمون علي بن موسى الرضا أبنته أم حبيب، وزوج محمد أبن علي بن موسى أبنته أم الفضل). وحين توفي الرضا أظهر المأمون حزناً شديداً وجزعاً وأسفاً عليه حيث أورد اليعقوبي في تاريخه ما نصه :

حدثني أبو الحسن بن أبي عباد قال: رأيت المأمون يمشي في جنازة الرضا حاسراً في مبطّنة بيضاء، وهو بين قائمتي النعش يقول: إلى من أروح بعدك يا أبا الحسن ؟ ، وأقام عند قبره ثلاثة أيام يؤتى له في كل يوم برغيف وملح فيأكله ، ثم أنصرف في اليوم الرابع .

توفي علي الرضا عن 51 سنة ودفن في قرية (سناباذ) القريبة من (طوس) إلى جانب قبر الرشيد، والقبران تحت قبة واحدة .

 ذكر ابن بطّوطة انه لاحظ تحت القبّة مقابل ضريح الإمام الرضا  قبر هارون الرشيد يُركل بالأرجل ثمّ يذهب الزائرون بعد ذلك إلى ضريح  علي الرضا  ليتبرّكوا به .

 ويدّعي الشيعة بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : يُقتَل ابن من أبنائي مسموماً في خراسان ، فمَن زار ضريحه يغفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ولو كانت ذنوبه بعدد النجوم وقطرات المطر أو بعدد أوراق الشجر، لَغُفرت جميعها له !!!!! . حسبنا الله.

 

 

 

 

9/ محمد الجواد

هو محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب أبو جعفر الملقب بالجواد ثامن الأئمة الاثني عشرية عند الإمامية كان ذكيا طلق اللسان حاضر البديهة، ولد في المدينة وانتقل مع أبيه إلى بغداد وحين توفي أبوه كفله المأمون .

توفي في بغداد عام 220هـ عن 35 سنة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

10/ على الهادى ( ابو الحسن العسكري )

 

هو علي, الملقب بالهادي, ابن محمد (الجواد) ابن علي (الرضا) ابن موسى (الكاظم) ابن جعفر (الصادق) ابن محمد (الباقر) ابن علي (زين العابدين) ابن الحسين (الشهيد) ابن علي بن أبي طالب هو والد الحسن العسكري وعاشر الأئمة الاثني عشرية عند الشيعة الإمامية. ولد بالمدينة سنة 212هـ ووشي به لدى المتوكل على الله العباسي فاستقدمه إلى العراق وأنزله في سامراء وكانت تسمى (مدينة العسكر) ; لأن المعتصم العباسي لما بناها نقل إليها العسكر, فسميت بذلك الاسم, ونسب إليها أبو الحسن العسكري .

قيل للمتوكل أنه طلب الخلافة وأن في منزله سلاحا وكتبا كثيرة من شيعته, فبعث من فتش بيته فلم يجد شيئا مما قيل عنه, بل وجد مستقبلا القبلة وعليه مدرعة من صوف وهو على التراب, ليس دونه حائل, فحمل إلى المتوكل فأجلسه إلى جانبه وسأله إن كان عليه دين, فقال: نعم أربعة آلاف دينار, فوفاها عنه ورده إلى منزله مكرما.

 كان على جانب عظيم من التقوى والصلاح. توفي بسامراء عام 254هـ ودفن في بيته, وكان المتوكل قد أعد له بيتا للإقامة فيه بسامراء. توفي عن أربعين عاما.

 

 

 

 

 

 

 

 

11/ الحسن العسكرى

 

هو الحسن بن علي (الهادي) بن محمد (الجواد) بن علي (الرضا) بن موسى (الكاظم) بن جعفر (الصادق) . أبو محمد. الإمام الحادي عشر من أئمة الشيعة الإمامية, وهو والد محمد (المهدي) الإمام المنتظر الذي دخل السرداب في سامراء واختفي, والعسكري نسبة إلى (العسكر) وهو الاسم الذي كان يطلق على (سامراء) التي بناها الخليفة المعتصم لجنوده الأتراك ونقلهم إليها, وإنما نسب إليها الحسن لأن المتوكل أشخص أباه عليا (الهادي) إليها فأقام فيها عشرين سنة وتسعة أشهر فنسب ولده إليها. توفي عام 260هـ في سامراء عن 29 عاما.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

12/ محمد المهدي المنتظر

هو محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي. أبو القاسم. آخر الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الإمامية, وهو المعروف عندهم بالمهدي المنتظر والحجة وصاحب السرداب.

ولد بسامراء ومات أبوه وله من العمر خمس سنين, ولما بلغ التاسعة عشرة من عمره دخل سردابا في دار أبيه بسامراء ولم يخرج منه. قال ابن خلكان والشيعة ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب بسامراء في مقدار عمره يوم دخل السرداب ولم يخرج منه. في عمره يوم دخوله السرداب خلاف فمنهم من يقول أنه كان في التاسعة من عمره ومنهم من يقول في العاشرة ومنهم من يقول في التاسعة عشرة من العمر.

 

 

الحسن الثاني

 

هو الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي. أبو محمد. نجا من القتل مع عمه الحسين لصغر سنه آنئذ. زوجته فاطمة بنت عمه الحسين وأمه خوله بنت منظور الفزاري. كبير الطالبيين في عهده, وكان عبد الملك بن مروان يهابه. اتهم بمكاتبة أهل العراق وأنهم يمنونه بالخلافة فبلغ ذلك الوليد بن عبد الملك فأمر عامله بالمدينة أن يجلده, فلم يفعل وكتب إلى الوليد يبرئه.

 توفي سنة 90هـ .

على الأكبر

هو علي الأكبر بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي. أبو الحسن. من سادات الطالبيين وشجعانهم, قتل مع أبيه الحسين السبط الشهيد في وقعة (الطف) بكربلاء عام 61هـ وكان أول من قتل بها من أهل الحسين وليس له عقب. سماه المؤرخون عليا الأكبر تمييزا له عن أخيه علي الأصغر الملقب بزين العابدين الذي نجا من القتل.

الحسن بن زيد بن الحسن

 

هو الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب . أبو محمد. شيخ بني هاشم في زمانه ووالد السيدة نفيسة.

ولاه المنصور أميرا على المدينة سنة 150 هـ وظل في ولايتها خمس سنوات, ثم عزله سنة 155 هـ وخافه على نفسه فحبسه في بغداد وصادر أمواله, فلما ولي المهدي الخلافة أخرجه واستبقاه معه ورد إليه أمواله.

ولد بالمدينة وتوفي سنة 168هـ في طريقه إلى الحج مع المهدي. وعمره 85 سنة.

 

نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن

 

هي نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب تعرف بالسيدة نفيسة، صاحبة المشهد المعروف بالقاهرة. ولدت بمكة ونشأت بالمدينة وتزوجت إسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق كانت تقية صالحة تحفظ القرآن، عالمة بالتفسير والحديث رافقت زوجها إلى الديار المصرية وأقامت معه فيها، ولما قدم الإمام الشافعي إلى مصر سمع عليها، ولما مات أدخلت جنازته إلى بيتها فصلت عليه. لما توفيت عزم زوجها إسحاق بن جعفر أن ينقلها إلى المدينة فمنعه أهل مصر من ذلك وسألوه أن يدفنها عندهم فدفنت في المنزل الذي كانت تسكنه بمحلة تعرف بدرب السباع، وكانت وفاتها في شهر رمضان سنة 208 هـ عن ثلاث وستين من العمر

الحسن بن زيد بن محمد

هو الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب صاحب طبرستان ومؤسس الدولة العلوية فيها. كان يسكن الري فحدثت فتنة بين بني طاهر أصحاب خراسان وبين أهل طبرستان سنة 250هـ فكتب هؤلاء إليه يستدعونه, فجاءهم فبايعوه والتف عليه الديلم وأمراء النواحي وملك طبرستان وجرجان, ثم استولى على الري ودامت إمرته عشرين عاما تقريبا. ولما مات خلفه أخوه محمد بن زيد. كان الحسن جوادا كريما متمكنا في اللغة, وكان مرهوب الجانب حسن السيرة. هو أحد علماء الزيدية البارزين. من تصانيفه: كتاب الجامع في الفقه. كتاب الحجة في الإمامة.
 

إسماعيل بن جعفر الصادق

هو إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر الهاشمي القرشي . إليه ينسب الإسماعيلية, وهي من فرق الشيعة في الأصل, وتميزت عن الاثني عشرية بأن قالت بإمامة إسماعيل بعد أبيه, والاثني عشرية تقول بإمامة أخيه موسى الكاظم لأن إسماعيل توفي قبل أبيه, وبذلك انقسمت الشيعة إلى فرقتين: ففرقة- وهي الأكثرية- نادت بإمامة موسى الكاظم بن جعفر الصادق ودعوا باسم (الموسوية) . وفرقة قالت بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق ودعوا (الإسماعيلية) . وحجة الفرقة الأولى أن إسماعيل مات قبل أبيه, فانتقلت الإمامة بوفاته إلى أخيه موسى الكاظم وحجة الفرقة الثانية أن جعفر الصادق نص في حياته على إمامة ابنه الأكبر من بعده, وبوفاته تنتقل الإمامة إلى ابنه محمد بن إسماعيل, لأن الإمامة لا تنتقل إلا في الأعقاب, ولا تنتقل من أخ إلى أخيه, إلا في حالة الحسن والحسين فقط, ومن أجل ذلك وجب أن تنتقل الإمامة في أعقاب محمد بن إسماعيل وهو عندهم الإمام السابع, ويسمون (السبعية) نسبة إليه . وعندهم أن محمد بن إسماعيل هو صاحب الحق الشرعي في الإمامة, وهو أكبر من عمه موسى الكاظم فوجب أن تنتقل الإمامة في عقبه, وهم محمد بن إسماعيل (المكتوم) ثم ابنه جعفر (المصدق) ثم ابنه محمد (الحبيب) ثم ابنه عبيد الله (المهدي) صاحب الدولة التي قامت بأفريقية والمغرب .
 

الحسين بن علي بن الحسن

هو الحسين بن علي بن الحسن (المثلث) بن الحسن (المثنى) بن الحسن (السبط) بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي أبو عبد الله. من سادة بني هاشم وفضلائهم. ثار على الخليفة العباسي الهادي لتنقص عامله على المدينة لبعض آل علي وتحامله عليهم. اجتمع على الحسين ناس كثيرون فكسروا السجون وأخرجوا من بها, وبويع الحسين بن علي ،وأرسل الهادي جيشا كثيفا بقيادة محمد بن سليمان بن علي العباسي فالتقى مع الحسين وأتباعه في موضع يقال له (فخ) بين مكة والمدينة, واقتتلوا قتالا شديدا, ثم قتل الحسين بن علي وحمل رأسه إلى الهادي وحمل معه الأسرى, فضرب الهادي رءوسهم (8 ذي الحجة سنة 169 هـ) . فر من المعركة يحيى بن عبد الله بن الحسن (المثنى) وأخوه إدريس, وهما أبناء عم الحسين الثائر, فتوجه يحيى اليمن , فأقام بها مدة, ثم قصد الري وخراسان وأعلن دعوته, فوجه إليه الرشيد سنة 175 هـ الفضل بن يحيى البرمكي بأمان الرشيد فأمنه ثم حبسه ومات في محبسه . أما إدريس فقد توجه إلى المغرب وأسس دولة الأدارسة .

النفس الزكيه

هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، أبو عبد الله ، كان يلقب بالأرقط وبالمهدي وبالنفس الزكية ، ولد ونشأ بالمدينة وكان غزير العلم فيه شجاعة وحزم وسخاء. 

لما بدأ الانحلال في دولة بني أمية بالشام اتفق رجال من بني هاشم على بيعته سرا وفيهم بعض بني العباس, وقيل كان من دعاته أبو العباس السفاح وأبو جعفر المنصور، ولما ذهب ملك الأمويين وقامت دولة بني العباس تخلف محمد وأخوه إبراهيم عن الوفود إلى السفاح, ثم على المنصور من بعده, ولم يخف على المنصور ما في نفس محمد, فطلبه وأخاه فتواريا بالمدينة, فقبض على أبيهما عبد الله الملقب (المحض) وعلى اثني عشر من أقاربهما وعذبهم فماتوا في حبسه بالكوفة بعد سبع سنين, وقيل طرحهم في بيت وطين عليهم حتى ماتوا .

لما علم محمد النفس الزكية بموت أبيه خرج من مخبئه ثائرا في مائتين وخمسين رجلا فقبض على أمير المدينة وبايعه أهلها بالخلافة, وكان أهل المدينة قبل أن يبايعوه سألوا الإمام مالكا وقالوا: إن في أعناقنا بيعة للمنصور, فقال: بايعتم مكرهين, وليس على مكره يمين . وتبادل محمد والمنصور رسائل كل منهما أدلى فيها بحجته في أنه أحق بالخلافة ، وأرسل أخاه إبراهيم إلى البصرة فاستولى عليها وعلى الأهواز وفارس, وبعث الحسن بن معاوية بن عبد الله بن جعفر إلى مكة فملكها وبعث القاسم بن إسحاق عاملا إلى اليمن. كتب إليه المنصور يحذره عاقبة عمله ويمنيه بالأمان وواسع العطاء فأجابه: لك عهد الله إن دخلت في بيعتي أن أؤمن على نفسك وولدك . بعث المنصور لقتاله ولي عهده عيسى بن موسى ومعه حميد بن قحطبة فسار إليه بأربعة آلاف فارس فقاتله محمد بثلاثمائة على أبواب المدينة وثبت لهم ثباتا عجيبا, فقتل منهم بيده سبعين فارسا, ثم تفرق عنه أكثر أنصاره, فقتله عيسى بن موسى في المدينة وبعث برأسه إلى المنصور .

من الجارودية فرقة تزعم أن محمدا النفس الزكية لم يقتل, فلا تصدق بقتله ولا موته, وتدعي أنه المهدي المنتظر وأنه يقيم في جبل حاجر من ناحية نجد إلى أن يؤمر بالخروج فيخرج ويملك الأرض وتسمى هذه الفرقة المحمدية .

قتل محمد النفس الزكية عام 145هـ وعمره 52 سنة .

إدريس الأول

 هو إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب، القرشي الهاشمي. مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب الأقصى، وإليه نسبتها. هرب بعد معركة (فخ) التي قتل فيها ابن عمه الحسين بن علي بن الحسن المثلث التي ثار فيها على الخليفة الهادي سنة169هـ.

اتجه إلى مصر وعبرها حتى استقر في شمال أفريقية بالمغرب الأقصى سنة 172هـ ونزل على قبيلة بربرية تدعى (أوربة) وأميرها يومئذ إسحاق بن محمد بن عبد الحميد، يقيم في مدينة (وليلي) على مقربة من مراكش وقد عرفه بنفسه واستجار به فأكرمه وجمع قبائل البربر على دعوته فبايعوه بعد أن عرفوا قرابته من رسول الله. ولما تمت البيعة جهز جيشا كبيرا من البربر فغزا بلاد (تامسنا) وما حولها وفتح معاقلها وحصونها، وأسلم من كان من أهلها على دين اليهودية والنصرانية. وفي عام 173هـ توجه إلى المغرب الأوسط فغزا (تلمسان) ومن بها من قبائل البربر، فاستسلموا له وبايعوه، وبنا في تلمسان مسجدا، ثم عاد إلى (وليلي) وخلع  طاعة بني العباس واتخذ مدينة (وليلي) عاصمة له.

هم الخليفة هارون الرشيد بإرسال جيش لمحاربته، ومنعه من ذلك بعد المسافة، وقدر أن جيشه لو هزم لكان ذلك إغراء لإدريس وحثا له على مواصلة الهجوم على الدولة في مصر والشام، فلجأ الرشيد إلى حيلة للتخلص من إدريس وبعث إليه رجلا داهية هو (سليمان بن جرير الشماخ) ، كان طبيبا، فتظاهر له بالخروج على بني العباس، فاطمأن إليه وقربه منه وأخذ بسحر بيانه وطلاقة لسانه، وبعد ذلك أتى إدريس من مأمنه، فقد دس له الرجل السم فقتله وهرب، غير أن البربر ظلوا على إخلاصهم لإدريس فبايعوا ابنه إدريس الثاني ودانوا له كما دانوا لأبيه من قبله.
كانت دولة الأدارسة أول من انشق عن الدولة العباسية، ولم يجد الرشيد بدا من أن يقطع لإبراهيم بن الأغلب منطقة تونس والقيروان ليقف في وجه الأدارسة إذا عزموا على الزحف إلى مصر والشام، وقد تكونت فيما بعد دولة الأغالبة بعد هذا الإقطاع.

 بنى إدريس الأول مدينة (فاس) 172هـ وأتم بناءها ابنه إدريس الثاني.
 

عبيد الله المهدي

 مؤسس دولة العلويين في المغرب وجد العبيديين ملوك مصر. كان عبيد الله يسكن في مدينة (السلمية) الواقعة قرب مدينة حماة بسورية, وكان أبوه يرسل الدعاة إلى البلاد لبث الدعوة للمهدي المنتظر, وكان داعيته إلى اليمن يدعى رستم بن الحسين بن حوشب النجار, وبمسعاه رسخت الدعوة في اليمن وكان لها أنصار وأتباع. وقد وجه ابن حوشب إلى المغرب داعية قوي العزم واسع الحيلة عليم بأسرار الدعوة فصيح قدير على الجدل والإقناع, يدعى أبا عبد الله ويعرف بالشيعي, فاستطاع بما أوتي من علم ودهاء أن ينشر الدعوة في قبيلة (كتامة) وهي من أقوى قبائل البربر, فمهد لعبيد الله وفتح بلدانا وناصرته قبيلة (كتامة) ووعدها بقرب ظهور المهدي (إمام الزمان) . وأرسل أبو عبد الله الشيعي رسله إلى عبيد الله يدعوه, فبلغ خبره الخليفة المكتفي بالله, فأرسل إلى عامله في الشام يأمره بالقبض على عبيد الله, فلما علم عبيد الله بذلك فر من سلمية إلى مصر ومنها إلى المغرب, مجتازا المخاطر التي كانت تتربص به للقبض عليه, وصحب معه ابنه محمد القائم بأمر الله وخاصة مواليه, ولقي أبا عبد الله الشيعي في القيروان وكان أبو عبد الله قد استولى عليها سنة 397 وهزم آخر أمراء الأغالبة فيها. وأعلن أبو عبد الله للناس أن عبيد الله هو (المهدي) فبايعوه واستوطن عبيد الله في مدينة (رقادة) وبعث الولاة إلى طرابلس وبرقة وصقلية, واختارهم من قبيلة (كتامة) واستولى على (تاهرت) وحاول الاستيلاء على مصر مرتين, فلم يظفر وصدته جيوش الخلافة العباسية.

اختط مدينة (المهدية) سنة 303هـ واتخذها قاعدة ملكه وتوفي عن 63 سنة بعد أن حكم أربعا وعشرين سنة.
يعرف أخلاف عبيد الله المهدي بالعبيديين ويعرفون أيضا بالفاطميين نسبة إلى فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم الحسن والحسين التي يدعون انهم ينتسبون اليها, ويعرفون بالإسماعيليين, لأنهم يرجعون نسبهم إلى آل البيت عن طريق إسماعيل بن جعفر الصادق كذلك يعرفون بالسبعية لأن إسماعيل بن جعفر الصادق هو عندهم الإمام السابع , وهم ينحدرون من ابنه محمد بن إسماعيل الذي اختفي واستتر خوفا من بطش العباسيين وهو عندهم أول الأئمة المستورين حتى ظهور عبيد الله المهدي وبه يبدأ دور أئمة الظهور.
ولما استولى العبيديون على مصر سنة 358هـ أيام المعز لدين الله دعيت دولتهم بالدولة الفاطمية ودعي مذهبهم بالمذهب الإسماعيلي ، وقد اتسعت دولتهم باستيلائهم على الشام والحجاز واليمن وبلغت دعوتهم العراق, وخطب لهم في بعض مدنها, فهب الخليفة العباسي القادر بالله لصد الدعوة, فجمع العلويين والعباسيين والقضاة والعلماء سنة 402هـ وكتبوا محضرا بالقدح في نسب العبيديين وقعه من العلويين الشريف الرضي وأخوه الشريف المرتضى .

 وتكرر الطعن في نسب العبيديين في عهد الخليفة القائم بأمر الله فقد جمع العلماء والفقهاء والعلويين والهاشميين والعباسيين فكتبوا محضرا على نحو المحضر السابق, وسيره الخليفة في الأقطار.

وقد وقف المؤرخون من دعوى العبيديين موقفين مختلفين, فمنهم الطاعنون القادحون في نسبهم ومنهم المؤيدون القائلون بصحته, وكل من الفريقين مختلف في عدد الأئمة وفي أسمائهم. فأما الطاعنون المنكرون انتساب العبيديين لآل البيت, فهم مختلفون في تعليل الطعن, فمنهم من يقول أن عبيد الله يهودي الأصل وأن أباه اليهودي سماه سعيدا, وكان حدادا في مدينة (سلمية) . ولما مات أبوه تزوجت أمه من رجل يدعى الحسين بن عبد الله بن ميمون بن عبد الله القداح الديصاني ألأهوازي , وأن الحسين كان مولى لجعفر الصادق ومنه أخذ المذهب الشيعي, وقد تولى تربية سعيد وعلمه أسرار المذهب والدعوة له, ولما كبر سعيد ادعى لنفسه نسبا علويا ودعا الناس إلى إتباعه, ثم دخل المغرب وتسمى بعبيد الله المهدي وتكنى بأبي محمد وكنى ابنه بأبي القاسم.

 ومن الطاعنين أيضا آخرون يقولون أن عبيد الله المهدي هو ابن ميمون القداح, وأن جده القداح كان مجوسيا ثنويا يؤمن بوجود إلهين: إله النور وإله الظلمة, وإن عبيد الله نشأ على دين أبيه وجده, وكانت غايتهم تقويض الإسلام والقول بالباطن عن طريق التأويل والقول بأن للقرآن ظاهرا وباطنا ومثله السنة النبوية, وإن العبرة فيهما للباطن لا للظاهر, وبذلك يتخذون من طريقتهم وسيلة لإحياء عقائد المجوسية والديصانية.
وأما القائلون بصحة نسب العبيديين فمنهم ابن الأثير وابن خلدون والمقريزي, وحجتهم في ذلك أن أئمة العبيديين قد ستروا أنفسهم خوفا من بطش العباسيين وعملوا على تبديل أسمائهم للتمويه, وقد عبر ابن خلدون عن رأي هؤلاء بقوله: "إن طبيعة الوجود في الانقياد لهم وظهور كلمتهم في مكة والمدينة أدل شيء على صحة نسبهم". ويستشهد ابن الأثير بقصيدة أنشدها الشريف الرضي في الاعتراف بصحة نسب العبيديين, وكان الرضي قد وقع من قبل, على محضر الطعن في نسبهم.
ويقول ابن الأثير أن أبا الشريف الرضي طلب إلى ابنه أن يعتذر للخليفة العباسي القادر بالله فلم يفعل ويضيف ابن الأثير فيقول: ففي امتناع الرضي من الاعتذار, دليل قوى على صحة نسب العبيديين .

 ومهما يكن من أمر, فإن العبيديين (الفاطميين) استطاعوا إقامة دولة ذات حضارة راسخة دامت نحوا من ثلاثمائة عام ونيف واحتلت مركزا مهما في تاريخ الإسلام.
وقد عرف مذهب العبيديين بالمذهب الإسماعيلي, وهو في الأصل مذهب شيعي, افترق عن الشيعة الاثني عشرية عند انتقال الإمامة إلى موسى الكاظم فاعتمد بعض الشيعة إمامة أخيه إسماعيل وعرفوا بالإسماعيلية. ويتفق الفريقان في وجوب وجود إمام يؤمنون بعصمته عن الخطأ ويبايعونه على الطاعة فيما يأمر به وينهي عنه. والإمام عند الإسماعيلية مخلوق من نور الله, وأن نور الله حل فيه, وكل فضيلة وردت في القرآن الكريم أو في الأحاديث النبوية تؤول على أن المراد بها الإمام وأن الإمام هو وجه الله ويده, ويفسرون ذلك بأن الإنسان لا يعرف إلا بوجهه, ولما كان الإمام هو الذي يدل الناس إلى معرفة الله, فبه يعرف وجه الله. كذلك فإن الإمام هو الذي يدافع عن دين الله ويبطش بأعدائه, فهو بمثابة يد الله, وهكذا يخلعون بقية صفات الله على الإمام, وأن أسماء الله الحسنى الذي نسبها الله تعالى لنفسه في القرآن الكريم, لا تقال لله تعالى وإنما تطلق عندهم على ما يعرف عند قدماء الفلاسفة بالعقل الكلي المتصف بصفة الكمال. وقد أطلقوا على العقل الكلي اسم (المبدع الأول) وهو عندهم الواحد, القهار, الجبار, العزيز, المذل... وإنه هو الذي خلق (المبدع الثاني) وهو عندهم النفس الإنسانية ويطلقون عليها (النفس الكلية) , ويجعلون لها جميع الصفات التي يختص بها (العقل الكلي) إلا أن هذا العقل كان أسبق منها في الوجود وإلى توحيد الله وتنزيهه, وبذلك كان (العقل الكلي) أسبق من (النفس الكلية) وأفضل, فسمي العقل الكلي بالسابق وسميت النفس الكلية باللاحق أو التالي, وبواسطة العقل الكلي والنفس الكلية وجدت جميع المبدعات الروحانية والمخلوقات الجسمانية, وكل ما نشاهده في هذه الدنيا من جماد ونبات وحيوان وإنسان, وما في السماوات من كواكب ونجوم, فالخالق عند الإسماعيلية إذن هو العقل الكلي. وقد جاءوا بهذه الآراء لإسباغ صفة خاصة على الإمام, فالعقل الكلي في العالم العلوي أي (الله) يقابله الإمام في العالم الجسماني, وهذا يعني عندهم أن كل الأسماء والصفات التي خلعت على العقل الكلي هي أيضا صفات وأسماء للإمام, لأن الإمام مثل للعقل الكلي, فأسماء الله الحسنى التي قالوا عنها أنها أسماء العقل الكلي هي أسماء للإمام, فالإمام عندهم هو الواحد الأحد, الفرد, الصمد, المنتقم, الجبار, القهار... إلى آخر أسماء الله الحسنى, ولذلك نرى ابن هاني الأندلسي الشاعر يؤكد هذه العقيدة في مطلع قصيدته التي مدح بها المعز لدين الله الفاطمي وهي:


    مــا شـئت لا مـا شـاءت الأقـدار          فــاحكم فــأنت الواحــد القهــار



ويعبر عن هذه العقيدة شاعر آخر يمدح المعز لدين الله فيقول :


 هــذا أمــير المــؤمنين بمجـلس          أبصــرت فيــه الوحـي والتـنزيلا

 وإذا تمثــل راكبــا فــي مـوكب            عــاينت تحــت ركابــه  جـبريلا


حسبنا الله ونعم الوكيل!!!


ويعتمد الإسماعيليون في نشر مذهبهم على مجموعة من الرجال يعرفون باسم (الدعاة) ويعملون بوحي الإمام وعلى رأسهم من يسمى بداعي الدعاة, وهو يلقي عليهم - في مجالس تعرف بمجالس الحكمة - تعاليم المذهب بسرية يلتزمون فيها بالكتمان. وتقوم هذه التعاليم على (علم الباطن) , فقد ذهب الإسماعيلية إلى أن لكل شيء ظاهرا محسوسا تأويلا باطنيا يدل عليه, فكل ما في القرآن ظاهر يدل عليه تأويل يفسر حقيقته, مستدلين في ذلك بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ } وقد خص أئمتهم ودعاتهم بعلم التأويل دون غيرهم من البشر, وأوغلوا في التأويلات الباطنية لآي الذكر الحكيم, مما لا يحتمله ظاهر القرآن أي احتمال, ولذلك يسميهم أهل السنة (الباطنية) , فتأويل الصلاة عندهم هو الاتجاه القلبي للإمام, وتأويل الصيام عندهم هو عدم إفشاء أسرار الدعوة, وتأويل الحج عندهم هو زيارة الإمام, وفي قوله تعالى :{وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ }إن الفجر هو علي بن أبي طالب وأن الشفع والوتر هما الحسن والحسين.

ولا ريب أن أسلوب التأويل الذي سلكه الإسماعيليون وسائر تعاليمهم, إذا صحت - فإنها غريبة عن الإسلام وليست منه في شيء, وفيها أثر ظاهر من ديانات وعقائد لشعوب سبقت الإسلام وقد دست فيه لإفساد شريعة الله وبذر الفرقة بين المسلمين.