الإمام فيصل بن تركي

تولى الإمام فيصل في فترة حكمه الاولى من عام1250هـ حتى عام 1254هـ ، وفي هذه الفترة كان محمد علي قد انتهى من تكوين دولته على حساب الدولة العثمانية نفسها، واستولى على السودان والشام واجزاء من الاناضول واليونان ، ثم قرر الاستيلاء على نجد ووجد ان سكانها موالين لآل سعود وان افضل طريقة هي أن يولي عليهم واحدا منهم  مطيعا  له، فارسل قائده اسماعيل بك على راس حملة ومعه خالد بن سعود الكبيرالذي كان عمره حوالي 23سنة وعاش في مصر بعد هدم الدرعيه ، فحاصر القائد التركي الإمام فيصل في الدلم ، التي كان سكانها اصدقاء  للإ مام ، فقد كان بين الإمام وبين اهل الرياض خلاف  ولما علم بقدوم الحملة رأى انه من غير الانسب ان يحاصَر وهو بين اهل الرياض، فرحل الى اصدقائه في الدلم .

ولما اشتد به الحصار عرض على قائد الحملة خورشيد باشا - الذي ارسله محمد علي لتعزيز حملته الاولى - أن يسلم نفسه بشرط ان يعفو عن الاهالي ويؤمنهم على ارواحهم واموالهم ، فقبل خورشيد وعفى عن الاهالي وارسل فيصل الى مصرسنة 1254هـ ، وعين خالد مكانه ، ثم قام خورشيد بالاستيلاء على المنطقه الشرقيه  وبدأ يخطط لغزو العراق .

أثار ازدياد نفوذ محمد علي مخاوف بريطانيا فارغمته على سحب قواته من الشام والجزيرة العربية بموجب اتفاقية لندن سنة 1840م1256هـ ،  فسحب قواته وبقي خالد يحكم نجد .

كان خالد هذا ابن جارية حبشية رقيق الشعور منغمسا  في اللهو والملذات ، نشأ في ذرى محمد علي واراد ان يحكم نجد حكما عصريا على نهج المصريين ، فنفر منه اهل الرياض وقاموا ضده بقيادة عبدالله بن ثنيان الذي كان يعارض خالد في وقوفه مع المصريين ، فخلعوه وعينوا عبد الله بن ثنيان مكانه .. وبعد عامين تمكن فيصل  بمساعدة عباس باشا حفيد محمد علي  من الهروب من مصر والعودة الى نجد، فذهب الى صديقه عبد الله بن رشيد في حائل ، ومنها ذهب الى الرياض واستولى عليها وسجن ابن ثنيان الذي مات بعد شهر في سجنه .

وبدأت فترة حكم الإمام فيصل الثانية سنة 1259هـ واستمرت 23 سنه ، وفي تلك الفترة من حكمه لم يواجه مشاكل خارجية ، ولكنه واجه مشاكل داخلية عديدة كان اهمها مشكلة العجمان.

  كان العجمان قد قدموا الى الإمام تركي فاكرمهم وانزلهم ديار بني خالد في الأحساء ، وظل زعيمهم فلاح بن حثلين مواليا للإمام تركي طيلة حياة الإمام ، وفي عهد الإمام فيصل سنة 1260هـ قام فلاح بالاعتداء على قافلة من الحجاج ونهب اموالهم وترك من سلم من القتل يموت ضمأً في الصحراء ، فغضب عليهم الإمام فيصل واجلاهم من ديارهم واقام الدويش وجماعته مكانهم ، اما فلاح فهرب ثم قبض عليه وقتل في الاحساء سنة 1262هـ .

وفي عام 1276هـ اصبح ابنه راكان زعيما لهم ، بعد أن تنازل له عمه حزام ، ولم تحدث منه مشاكل الى ان احس بقوته فاغار على ابل للإمام نفسه وهرب إلى حدود الكويت ، فارسل له الإمام ابنه عبد الله ، فهزمه في معركة الجهراء ، ولكن راكان تحالف بعد ذلك مع المنتفق وبدا يغزوا القبائل ، فارسل له الإمام ابنه عبدالله مرة اخرى فهزمه في معركة كانت بقرب البحر فغرق اكثر العجمان ، وسميت تلك المعركه بسنة الطبعه ، اي الغرق .

وبذلك النجاح الذي حققه عبدالله على العجمان هدأت شوكتهم بقية حكم الإمام فيصل .

وفي سنة 1282هـ توفي الإمام فيصل بعد ان بلغ الثمانين من عمره ، وكان قد فقد الكثير من بصره في آخر حياته وأسند اعباء الدولة لأبنه عبد الله الذي خلفه في الحكم .