الجوهرة بنت فيصل بن تركي آل سعود

لا توجد معلومات محددة عن تاريخ ميلادها ، فأحد المصادر يجعله عام 1270هـ/1854م وآخر يشيرإلى أن ميلاد إحدى بنات الإمام فيصل بن تركي كان في عام1267هـ/1851م، ومن المرجح أن تكون المقصودة هي الجوهرة .
تنتمي الجوهرة من ناحية أمها إلى آل معمر، فوالدتها سارة بنت عبدالعزيز بن حمد ابن ناصر بن عثمان بن معمر أحد أبرز علماء نجد في القرن الثالث عشر الهجري /التاسع عشر الميلادي ، وقد تزوجت سارة من الإمام فيصل بعد عودته من مصرعام 1259هـ/1843م أثناء إقامته في سدوس وقبل دخوله الرياض وفقاً لإحدى الرويات وأنجبت له عدة أبناء ماتوا جميعاً ماعدا الجوهرة التي حظيت كما أخواتها الأخريات برعاية والدهن الذي اشتهر بعنايته بالنواحي العلمية والثقافية ، كما أن نشأة والدتها في بيت علم كان له دور واضح في تكوينها العلمي ، ويبدو ذلك جلياً في إلمامها ومعرفتها بالتاريخ والسير وحفظها للقرآن الكريم واستيعابها لكثير من السنة النبوية والاستنباطات الفقهية واهتمامها بجمع الكتب ووقفها على طلبة العلم ، ولاتزال تلك الكتب محفوظة في بعض المكتبات إلى اليوم .
تزوجها طلال بن عبدالله بن رشيد أمير حائل خلال الفترة من 1263هـ/1847م إلى 1283هـ/1866م، وكان ذلك الزواج مظهراً من مظاهر العلاقة الوطيدة بين الإمام فيصل بن تركي وآل رشيد ، ووفقاً للمعلومات المتاحة فإنها لم تنجب أولاداً لابن رشيد الذي توفي عام 1283هـ/1866م.
تزوجت الجوهرة للمرة الثانية ، وكان زوجها هو سعود بن جلوي بن تركي ، وتفيد رواية شفاهية بأنها طلبت منه الطلاق عندما تزوج بأخرى.
شهدت الجوهرة عن قرب ذلك النزاع الذي كان بين أخوتها بعد وفاة والدها عام 1282هـ/1865م. وقد آلمها الضعف الذي حل ببيت آل سعود ، فكان ان عملت على تنمية روح العزيمة ودفع الملك عبدالعزيز إلى استعادة ملك آبائه واجدادة ، وعن هذا الفضل يتذكر الملك عبدالعزيز من فترة طفولته أن الجوهرة كانت الوحيدة من بين أفراد عائلته التي تعرف القليل مما كان يعتمل في فؤاده المتحمس ، ويصف مشاعره تجاهها ودورها في شحذ همته وجعله يستعد لما هو قادم ، فيقول: " لقد كانت تحبني فيما اعتقد أكثر مما كانت تحب أولادها أنفسهم ، كانت عندما تنفرد بي تضعني في حجرها وتنبئني بالأمور العظيمة التي كان علي أن احققها إذا ما كبرت ، كانت تقول لي : عليك أن تحيي عظمة بيت ابن سعود".
كانت الجوهرة تؤكد على عبدالعزيز وترسخ في ذاته ركائز وأسس الحكم كما سار عليه أسلافه من آل سعود ، ومن ذلك أن يسعى إلى رفع شأن الإسلام والمسلمين ببث الدعوة السلفية ، ثم هي ترسخ في ذاته أنه ذلك القائد الذي سوف تجد معه شبه الجزيرة العربية كل عزة وتمكين ، فكانت تردد على مسمعه :"لاتكون عظمة بيت ابن سعود غاية مساعيك، إن عليك أن تجاهد لعظمة الإسلام إن قومك لفي أمس الحاجة إلى قائد يرشدهم إلى طريق النبي الكريم ، وإنك أنت ستكون ذلك القائد".
وقد كان لهذه التوجيهات أثر عميق في نفس الملك عبدالعزيز ، يؤكد على ذلك ما نقله محمد أسد عن لسانه : "لقد بقيت كلمتها هذه ولا تزال في قلبي دائماً" وظل الملك عبدالعزيز طوال حياته يؤكد بأنها المرأة الوحيدة التي كان لها تأثير قوي في مسار حياته.
ويبرز محمد جلال كشك دور الجوهرة السابق بالقول :"حملته عمته الرسالة  ولقنته وهو طفل مسؤولياته في إعادة ملك آل سعود  وفي نشر الإسلام ".
والجديربالذكرأن الجوهرة بقيت في الرياض في أعقاب موقعة المليداء عام1308هـ /1891م ولم تغادرها إلى الكويت مع أخيها الإمام عبدالرحمن ، وكانت إقامتها آمنة من مضايقات رجال محمد بن عبدالله بن رشيد  نتيجة لطلب الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ من رجال أبن رشيد عدم التضييق عليها، في الوقت الذي غادرت فيه أختها نورة الرياض إلى الدرعية خوفاً منهم .
وفي فترة بقائها داخل الرياض كانت تعيش بالقرب منها ابنة أخيها سارة بنت الإمام عبدالله ابن فيصل حيث تولت رعايتها وتربيتها ، ويبدوا أن الجوهرة شعرت بشيء من الخطر على ابنة أخيها من رجال ابن رشيد ، فانتهزت قدوم الملك عبدالعزيز إلى الرياض في عام 1318هـ /1901م بهدف استعادتها ، تلك المحاولة التي لم يكتب لها النجاح كما هو معروف تاريخياً ، فأشارت عليه أن يعقد على سارة ويحملها معه الى الكويت . واستجاب الملك عبدالعزيز لطلبها ، وكأن الجوهرة بعملها ذلك أرادت منه حماية سارة وربطها بأسرتها ، خاصة أبرز أعضاء الأسرة في تلك الفترة الملك عبدالعزيز .
ومع بدء مرحلة التوحيد كان منزل الجوهرة مقصدأً لأفراد من أسرة والدتها يلجؤون إليه في وقت الملمات ، ويدل على ذلك إقامة عبدالرحمن بن محمد بن معمر فيه ، عندما أصيب في هجوم عبدالعزيز بن متعب بن رشيد  على الرياض عام 1321هـ/1903م ،  وقد أدت الجوهرة دورين مهمين في تلك المرحلة ، أحدهما على المستوي الشخصي لحياة الملك عبدالعزيز ، والآخر على المستوي العام:
فالأول: أن الملك عبدلعزيز كان يعتمد عليها في تثقيف وتعليم النساء في قصره.
والثاني: أن الملك عبدالعزيز كان يستشيرها ويصغي لنصحها في بعض شؤونه.
وأمام هذين الدورين ومكانتها في نفس الملك عبدالعزيز فإننا لانعجب من حرصه على زيارتها يومياً ، وكانت تلك سنّة حسنة للملك عبدالعزيز في صلة الرحم  لايتركها مع كثرة أشغاله ووفرة أعماله ، فكان يقرن زيارتها بزيارة والدة ، ومن جانب آخر كانت الجوهرة تحرص على زيارة أخيها الإمام عبدالرحمن يومياً مدللة على عمق صلتها وقوة عاطفتها نحو أخيها .
ومن إسهامات الجوهرة الخيرية أنه كان لها وقف لزينة العروس يتمثل في تقديم ثوب وبعض القطع الذهبية للمقبلات على الزواج .
وصنيع الجوهرة هذا يدلل على حس اجتماعي ووعي بأهمية الإسهام في جوانب من حياة المجتمع في ذلك الحين ، إذ من المؤكد أن غالبية النساء كن يفتقرن حال زواجهن إلى الملابس وأدوات الزينة المناسبة.
وإضافة إلى ذلك كان للجوهرة مسقاة ماء بجوار سور دخنة ، كانت تعد من أشهر مساقي الرياض في وقتها ، ومن المرجح أنها كانت تابعة لمنزلها ونخيلها .
توفيت الأميرة الجوهرة في عام 1350هـ/1931م ، كما يشير عبدالمحسن بن محمد بن معمر ، وهو يتفق في هذا التاريخ مع ما أورد  فيلبي  من ان ابنة للإ مام فيصل توفيت فيه ، في حين ذكر عبدالرحمن بن سليمان الرويشد أنها توفيت في عام 1354هـ/1935م ، وأياً كان الاختلاف بين التاريخين فقد كانت وفاتها بعد أن شهدت تحقيق توحد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز.


  من نساء شهيرات من نجد
http://www.darah.org.sa/showbooks.php?BRb=108