رحلاته بعد التقاعد

 هذه كما ذكرت سابقا مذكراته التي طبع منها اعداداً محدودة وزعها على اقربائه واصدقائه المقربين ، وقد كان رحمه الله محباً للسفر .. فكما قرأنا في مذكراته كان يقضي معظم وقته متنقلا بين العديد من البلدان للتجارة .. فنشأ على هذه المحبة .. ولكن ارتباطه بالعمل الحكومي حد من عشقه القديم .. ولما حصل على التقاعد عاوده هذا الحنين فزار العديد من البلدان في اوربا وافريقيا وامريكا والهند في اسيا .. وكان بعض تلك الرحلات للترويح عن النفس والاطلاع على تلك البلاد ومابها من كتب ومخطوطات .. والبعض منها إما لإجراء الفحوصات أو للعلاج ، وفي تلك الرحلات كان يدون يومياته عنها ، ولكنني للأسف لم اجد سوى بعض الأوراق في مكتبه لم يكن قد أكمل صياغتها عن رحلتين ، الأولى الى شمال افريقيا للزياره  والثانيه الى اوربا للعلاج والزيارة معاً ، وقد رافقه في رحلته الأولى الأخ عبد المحسن وفي الثانيه الأخ فهد رحمه الله .
يقول رحمه الله في تلك اليوميات :
            
 رحلتي الى شمال افريقيا
 كنا قد امضينا مع العائله اجاز
ة في القاهرة لما يقارب الشهر، وقررت من هنالك ان اتوجه مع الابن عبد المحسن لزيارة الدول العربية الأخرى في الشمال الأفريقي ، بينما عادت العائله الى المملكه ، وتوجهنا في يوم الخميس الرابع عشر من شهر جمادى الثانيه لعام 1391من الهجرة الى ليبيا ، وبالرغم من أن وصولنا الى مطار طرابلس كان في الساعة الثانيه بعد منتصف الليل إلاأنه بعد ان فتح باب الطائره وجدنا السفير الأخ عبد المحسن الزيد يستقبلنا على ارض المطار ، وبعد السلام والانتهاء من اجراءات الدخول توجه بنا الى الفندق الذي قام بالحجز لنا فيه ، جزاه الله خيرا على استقباله الكريم لنا والذي اكد ماعرف عنه من انه من خيرة من يمثلون حاكمهم خارج دولتهم كغيره من السفراء النادرين الذين تفخر بهم حكومتهم ، وفي الصباح اخذنا بسيارته التي يقودها بنفسه في جولة في المدينه وصلينا الجمعه في مسجد قصر السنوسي ثم ذهبنا لتناول الغداء في منزله بحضور موظفي السفاره ، وبعد العصر زارنا في الفندق وذهب بنا في جولة في المدينة ، ثم توجهنا الى منزل خالد ابو الوليد القرقري الذي كان مستشاراً للملك عبد العزيز ومن المقربين لديه وكنت حريصاً على رؤية ذلك الرجل الطيب النزيه المخلص لجلالته ولكنه للأسف كان قد ذهب الى لندن للعلاج شفاه الله ، والقرقري لمن لايعرفه هو خالد بن احمد ابو الوليد القرقني، وقد حرف اسمه الى القرقري بعد ان استثقل العامه نطق كلمة القرقني ، وكان الملك عبد العزيز هو الذي اطلق عليه اسم ابو الوليد ، وهومجاهد من طرابلس قاتل الإيطاليين ايام احتلالهم لليبيا ثم انتقل الى جده كتاجر ولما قابله الملك عبد العزيز اعجب به واصبح سفيراً له حيث ارسله في مهمه لمقابلة هتلرفي المانيا كما ارسله الى اليمن في عام 1932هـ ثم عاد الى طرابلس واقام فيها .
اعود الى ماقام به السفير من الإكرام لنا ، فمن اجل ذلك الإكرام قررنا السفر لأنه كما قيل : لواقتصرتم من الإكرام لزرتكم.
وقبل ان انتهي من ليبيا احب ان اوضح بأن ليبيا بلد زراعيه وتربتهاخصبه ومياهها الجوفيه متوفره بكثره الا انه بعد اكتشاف البترول فيها قلت المساحات الزراعيه عن السابق ل
اتجاه الكثير من المزارعين الى العمل في شركات الزيت .. اما اقتصادها فهو مرتفع بسبب عائدات البترول ، وسكانها اغلبهم متدينون ونساؤهم معظمهن محجبات وحجابهن كثيف لأن الطريقة السنوسية التي يتبعها الليبيون هي من احسن الطرق وأقربها الى الكتاب والسنه ، وقدكان الملك ادريس السنوسي محبوبا من شعبه لأنه رجل عفيف الاانه كان يميل الى التصوف والانعزال حيث استغل حاشيته هذا الأمر مما جعل اقاربه وشعبه يبتعدون عنه بالرغم من عفافه وانصرافه عن الدنيا ، وقد بلغ به عفافه ان رفض ان يوافق على اقتراح وزرائه بزيادة مخصصاته ، وكان الجيش غير راض عن افعال حاشيته لذلك قامت الثوره بقيادة معمر القذافي وكان الملك في ذلك الوقت خارج البلاد فلم يفعل شياً لاستعادة حكمه وتنازل ولي عهده للثوارعن الحكم ، فاستقرت اوضاع البلاد بعد ذلك . ومن افضل ماقام به القذافي هو منعه لشرب الخمر وصناعته حيث تعتبر تضحية عظيمه لأن البلاد بها اعدادهائله من مزارع الكروم التي لايستوعبها الا صناعة النبيذ وتصديره ، كماانه منع الكنائس في البلاد وقال لايمكن ان يكون في بلادنا كنائس فمن رغب ان يأتي الينا ونحن على هذه الحاله فأهلاً به ومن لايرغب فنحن في غنى عنه.
وفي الصباح الباكر بعد ان اجرينا الحجوزات اللازمه للسفر طلبت من الابن عبد المحسن ان يذهب في الحال لدفع حساب الفندق قبل ان يصل السفير لأنني لمحته عندما وصلنا البارحه يؤكد على السائق بأن يحضر مبكراً ويدفع الحساب . وبالفعل حضر ولما علم بالأمرلام السائق على ذلك ، ثم قام بأيصالنا الى المطار .
وفي مطار تونس لم نجد من يستقبلنا فاخذنا تاكسي وتوجهنا الى فندق هلتون وهو فندق جميل يشرف على مدينة تونس ثم تجولنا في المدينة وضواحيها بسيارة تاكسي ، وفي اليوم التالي قررنا السفر الى الجزائر لاننا لم نرتاح في تونس بالرغم من ان البلده جميله واهلها لطيفين ولكننا لم نكن نعرف احد ولم نجد الاستقبال الذي لقيناه في ليبيا فاصبحنا كالأيتام على مائدة اللئام.
وفي الجزائر توجهنا مباشرة من المطار الى السفارة فوجدنا السفير واستقبلنا مقابلة كريمه وكان ابراهيم الحليسي عنده ، وعاتبنا السفير على عدم اشعاره بموعد وصولنا فقلت له : لقد رحلنا على عجل وهانحن امامك ونود ان تخبرنا عن افضل فندق لنسكن فيه ، فاشار علينا بفندق سان جورج وقام بال
اتصال بمدير الفندق وحجز لنا ، وفي المساء زارنا في الفندق ومعه الأخ ابراهيم واخذنا في جوله على ضواحي المدينه وكانت جوله ممتعه في الغابات والأشجار المتشابكه على الجبال التي لامثيل لها، وفي اليوم الثاني ارسل لنا سيارة مع السائق لنتجول بها فذهبنا الى المسجد الذي كان الفرنسيون قد حولوه الى كنيسه وبعد طردهم من الجزائر اعيد كما كان ولله الحمد وصلينا فيه ركعتين ثم تجولنا في اسواق المدينة ، وفي المساء ذهب بنا السفير بسيارته الى جبل الشريعه في طريق مليء بالمنعطفات وكان هو الذي يقود السيارة بسرعة كبيرة وبمهارة في تلك المنعطفات ، وشعر باننا استغربنا منه هذه السرعه فقال : لاتخافوا فاناسائق ممتاز واصلح أن اكون سائق تاكسي فضحكنا جميعا ، وسرنا في سهل ممتد يشبه سهل البقاع في لبنان الا انه اوسع منه بكثير واكثر خضرة ، ثم صعدنا الى جبل الشريعه الذي يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر 1500متر ومليء باشجار الأرز يسلب اللب منظره الخلاب ، فسبحان من انعم على من يشاء بما يشاء .
وفي المساء زارنا الملحق الثقافي الأستاذ محمدبن عبدالسلام ودعانالزيارة مكتبه والإطلاع عليه فقمنا بزيارته في الصباح ووجدناه مكتباً جميلاً ويقوم موظفوه بنشاط كبيرفي الدعاية للمملكة حكومة وشعباً واطلعنا على العديد من الكتب الأعلامية والدينية ومناظر لمدن المملكه والمشاعر يقومون بتوزيعها ، فشكرت لهم حسن ضيافتهم وأدائهم للواجب نحودينهم ووطنهم . وفي
اليوم التالي ودعنا الجميع وشكرنا السفير على كل ماقام به نحونا من حفاوة وتكريم لانستغربها من امثاله من السفراء الذين تفخر بهم حكومتهم ويفخربهم شعبهم فجزاه الله الف خير . ثم رحلنا الى الدارالبيضاء فوجدنا من الأخوة المغاربه حسن المعامله واللطف من العاملين في المطار ومن سائقي سيارات الأجره وكذلك العاملين في الفندق الذي سكننابه وكان فندقا جميلآ بالفعل . وتجولنا بعد ذلك في احياء المدينة وشاهدنا قصر الملك محمد الخامس . وفي اليوم التالي ذهبنا بسيارة اجره الى الرباط عبر طريق تحف به مزارع العنب والحبوب وغابات الصنوبر ، وبعد ان وصلنا الى الفندق اتصلنا بالسفير وعلمنا انه أصيب في يده االيمنى أثناء محاولة الانقلاب على الملك فكلمته وحمدت الله على سلامته ، وفي اليوم التالي ذهبنا الى السفاره وزرنا القنصل ووجدنا عنده سليمان الناصر فرحبوا بنا وقدموا لنا القهوة التي سررت بها عندما رأيت الدلة لأنني لم اشرب القهوة العربيه منذ ان غادرنا ليبيا ، فشربت منها على غير عادتي اربعة اوخمسة فناجيل ، ثم ذهبنا الى منزل السفير وفي الطريق مررنا بالوزير المفوض فؤاد الحسيني وسلمنا عليه ، بعد ذلك قابلنا السفير في منزله ورحب بنا اجمل ترحيب وكانت يده اليمنى في الجبس فاخذ يشرح لنا قصة اصابته في الحادثة المحزنه ، ولم نرغب أن نثقل عليه فاستأذنا منه وأمر سائقه ان يطلعنا على المدينه فشاهدنا القصور الملكيه وأثارالمسجد القديم الذي بنى في عهد الموحدين ولم يبقى منه سوى الأعمدة والمنارة ، وكان بجانبه مبنى اخبرنا السائق بأنه الضريح الذي يعد لكي ينقل فيه رفات محمد الخامس فدخلناه واستقبلنا شاب موكل بالأشراف على المبنى وكان لطيفا فأخذ يشرح لنا عن كل ما سألناه عنه ودهشنا لما رأينا الأرضيه المكسوة بالمرمر الفاخر الذي جلب من ايطاليا والبرتغال ، فتذكرت قصة بلقيس عندما دخلت الى الصرح الذي بناه نبي الله سليمان فظنت الزجاج ماء وكشفت عن ساقيها كي لاتبتل ثيابها فلما أخبرت بأنه زجاج قالت "رب اني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ".
بعد ذلك انتقلنا الى الطابق الأرضي وشاهدنا التابوت الذي سيوضع فيه الرفاة . وبجوار هذا المبنى مسجد رائع البنيان فسألت دليلنا عن تكلفة هذه المباني فقال عشرة مليارات فرنك فرنسي ، ثم ذهبنا الى قصر الودايه الذي يضم بعض التحف الأثريه والمخطوطات من قرآن وحديث ، وأقدم مافيه مصحف مخطـوط منذ سبع مائة سنه . وفي المساء زارنا سليمان الناصر وذهبنا جميعاً نتجول على الشواطي الخلابه
، إلا ان مايؤذي الناظر ويسر الفاجر رؤية المستحمين شبه عراة ، وليحفظنا الله مما يغضبه . ثم مررنا بقصر الملك الذي حدث الاعتداء عليه فيه ورجعنا من طريق آخر رأينا فيه مساكن متواضعه من الصفيح  منتشره يسكنها عدد كبير من الفقراء ، ومررنا بعمائر بنتها الدوله للمحتاجين بأقساط مريحه ثم عدنا الى الفندق ، وفي اليوم التالي ذهبنا لزيارة فاس ومكناس وكان الطريق مليء بغابات الصنوبر والزيتون وحقول الكروم ، ووصلنا الى مكناس وتجولنا فيها ومررنا بقصراخبرنا السائق بأنه قصر الملك اسماعيل من ملوك العلويين وهو قصر عظيم وفيه اسطبل للخيول يقال انه كان به اثنا عشر الف حصان . وبعد ان تغدينا في احد المطاعم الأسبانيه وواصلنا السير الى فاس وجدناها مدينة جميلة كغيرها من المدن المغربية وزرنا مدينة القرويين إلا اننا لم نتمكن من دخولها بالسياره وكنت حريصا على ان ارى مسجد القرويين ومكتبته ، واحضر لنا السائق دليلا قادنا في ازقة ضيقه لاتتسع لأكثر من شخص واحد للسير بها حتى وصلنا المسجد ولما اردنا ان نصلي فيه امام المحراب اخبر نادليلنا
بانه يجب ان ننحرف قليلا الى القبله لان المحراب منحرف وسألته عن السبب في ذلك فلم يعرف.
ثم عدنا الى الرباط وودعنا السفير وكذلك الوزير المفوض فؤاد الحسيني الذي اصر ان نذهب بسيارته الى اادار البيضاء لنستقل الطائره من هناك الى المملكه وشكرناهم على حسن ضيافتهم وفي
صباح اليوم التالي عدنا والحمدلله الى جده0
                      رحلتي الى اوربا
في يوم الأحد الموافق 20صفر من عام 1393هـ توجهت ومرافقي
الإبن فهد الى اسبانيا لمراجعة طبيب العيون المشهور ( باراكير) وركبنا الطائره السعوديه بوينج 707 الى روماونزلنا فيها لننتقـل الى الطائره الأسبانيه التي ستقلنا الى لشبونه ثم مدريد ، وبعد وصولنا الى مطار مدريد وجدنا مندوب السفاره السعوديه يستقبلنا، إذ أننا سبق ان بعثنا الى السفير يوسف الفوزان بموعد وصولنا ليتم الحجز لنا في احد الفنادق الممتازه ، ثم توجهنا الى الفندق وبتنا فيه بعد تعب تسع ساعات من السفر ، وفي الصباح حضر السفير مشكوراً لتهنئتنا بسلامة الوصول واخبرنا بوجود سيارة مع السائق في انتظارنا للتجول بها فشكرناه على مشاعره النبيله وبعد ذهابه خرجناللتجول في مدريد البلدة العظيمه بشوارعها المنسقه ومبانيها الحديثه وحدائقها الجميله وغاباتها الممتعه فذكرتني بمجد الأسلام الذاهب وترحمت على طارق بن زياد وموسى ابن نصير رحمهما الله رحمة الأبرار. وبعد الجوله ذهبنا لتلبية دعوة السفير على الغداء ، وفي اليوم التالي تغدينا عند محمد السليمان ثم عدنا الى الفندق ، وفي صباح الأربعاء خرجنا الى منطقة السكريال لزيارة المكتبه التي بها ، وفي الطريق اليها مررنا بمروج خلابة تستهوي النفوس وتذكر الانسان بما أعد الله لأوليائه المؤمنين في الدار الأخره ، ثم توجهنا الى منزل الملحق العسكري صاحب السمو الأمير فيصل بن محمد بن سعود الكبير  لتلبية دعوته على الغداء ، وفي اليوم التالي اجمعنا الأمر علىالسفر الى اشبيليه وغرناطه وقرطبه لزيارة مآثرالعرب هناك ، وفي التاسعه صباحا توجهنا الى قرطبه ومررنا على مدينة اركديت مقر ملوك اسبانيا التي يمربها نهر تاجوس العظيم اكبرانهارشبه جزيرة ايبيريا اذ يبلغ طوله حوالي 1000كم وينبع من شرق اسبانيا ويمر بطليطله ويصب في المحيط الأطلنطي قرب لشبونه ، كمامررنا بمنطقة جيانا وتغدينا لحم ( حاشي ) مطبوخ على الطريقه الاسبانيه في فندق الجمل ، ثم واصلنا السير الى قرطبه حيث تجولنا فيها في اليوم التالي ورأينا احياءها القديمة التي تشبه في ضيقها ازقة جده القديمه ، وزرنا مدينة الزهراء التي بناها الخليفه الأموي عبدالرحمن الناصر شمال قرطبه عند جبل العروس وجلب لها الرخام من تونس وقرطاج وحوضاً منقوشاً بالذهب من بلادالروم ، ثم زرنا المسجد العظيم الذي يدل على عظمة ملك بني اميه بحديقته التي تبلغ مساحتها اكثر من 2000مترمربع ببنائه الرائع وعظمته ، وبعد ان صلينا فيه ركعتين توجهنا الى اشبيليه عبر طريق تزينه المروج الخضراء ، وبعد ان وصلنا الفندق في اشبيليا تغدينا واسترحنا قليلا ثم صلينا الظهر والعصر جمعا ، بعد ذلك ذهبنا الى قصر المعتمد بن عباد الذي تولى امارة اشبيليه سنة 1068 ميلاديه وتجولنا في حجراته وحدائقه الغناء المترامية الأطراف فأزددنا اسفاً فوق أسفناعلى مجد الإسلام الذاهب الذي اضاعه سفهاء القوم ، نسأل الله ان يعيد للاسلام مجده .
واشبيليه على وجه العموم مدينه جميله يخترقها الوادي الكبير الذي ينحدر من الجبال ويصب في البحر المتوسط . بعد ذلك توجهنا الى غرناطه التي تبعد عنا 250كم وزرنا قصر الحمراء
، فسبحان من يعز من اطاعه ويذل من عصاه ، وفي اليوم التالي عدنا الى مدريد ومررنا بجنة العريف وهي جنة على اسمهابمافيها من اشجار وزهور ونوافير لايستطيع الانسان ان يصفهابدقة ولكن على وجه العموم فهي من اثار البذخ والاسراف التي جنت على اصحابها فمزقتهم شر تمزيق ، نعوذ بالله من سؤ الخاتمه ونقمة الله وسؤ عقابه.
وصلنا الى مدريد ، وفي الصباح ودعنا السفيروشكرناه على حسن ضيافته وتوجهنا بالطائره الى برشلونه وذهبنا الى الدكتور باراكير الذي قرر اجراء عمليه في عيني اليسرى ، ولكننا لم نجد غرفه خاليه إلا بعد ثلاثة ايام كما قالوا ، كما ان الدكتور كان متغطرساً واستغلالياً فقررنا اجراء العمليه في لندن ، فسافرنا على بركة الله
، وعندما وصلنا الى الفندق زارناالسفير عبد الرحمن الحليسي وابراهيم السليمان بن عقيل ، وفي الصباح ذهبنا للسلام على الأخ محمد الحمد الشبيلي ثم توجهنا بسيارة الشيخ عبد الله التركي الملحق الثقافي الى طبيب الأسنان لاجراء بعض العلاج ، بعد ذلك ذهبنا لتلبية دعوة السفير للغداء التي حضرها عبدالله الرشيد نائب رئيس تعليم البنات . وفي اليوم التالي ذهبنا الى مستشفى لندن كلنك وقرر الطبيب ماقرره باراكير في اجراء العمليه وقام بأجراء العديد من الفحوصات ، وفي يوم الجمعه ذهبنا للصلاة في المركز الأسلامي وسررت لكثرة المصلين ورجوت ان يوفق الله الحكومات الأسلاميه وشعوبها في جعله منارة للدعوة الاسلاميه وعلى رأس هذه الحكومات حكومة جلالة الملك حفظه الله، كما ارجو ان يهيء الله له علماء ملمين بالشريعة وباللغة الأنجليزية ليبينوا للشعوب الأوربية حقيقة الاسلام وسماحته على هدى القرآن والسنة النبوية بدون تشدد، بل على هدى وصية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لمعاذ بن جبل " يسر ولا تعسر، وبشر ولاتنفر ". وكم حز في نفسي عندما رأيت كثرة المصلين وضيق المركز الذي يجب ان يبقى كماهو مركزاً دينياً ويبنى بجواره مسجد واسع على احسن طراز ، ويعلم الله انني لوكنت من اصحاب الثروات لبذلت له مااستطيع لعمارته واختيار العلماء الأكفاء للمركزلنشر الدعوة السلفيه الصحيحه ، وارجو الله ان يجعل نيتي هذه تبلغني منازل المنفقين في سبيل الله انه على كل شيء قدير.
وفي الأيام التاليه قمنا بجولات في المتاحف وفي ريف لندن الذي اعجبنا فيه قطعان الضباء والوعول وبقر الوحش التي لاتنفر من الماره ، ثم دخلت المستشفى في يوم الأثنين وأجريت العمليه بنجاح والحمدلله .
وبعد ان بقينا في
لندن اسبوعين سافرنا الى باريس وزرنا برج ايفل وغابة ليون ومدينة فرساي ، وفي احد الأيام تأخر علينا دليلنا الجزائري فطلبنا من حارس الفندق ان يحضر لنا تاكسي فاحضر لنا سياره تقودها امرأه وبجوارها كلبها فركبنا معها وحمدت الله على قضائه ففي أخر العمراركب بجوار كلب اسود في سيارة واحده انا وفهد وصاحبة التكسي ، ثلاثة رابعنا كلبنا ، رحم الله اصحاب الكهف .

في يوم الأربعاء توجهنا بالطائرة الى سويسرا ونزلنا في فندق الأنتر في جنيف البلدة الجميلة ببحيرتهاالتي يرفدها نهر الرون الذي يغذيها من جبال الألب ، والحقيقه ان سويسرا بنهرها وغاباتها وحدائقها تعد عروس اوربا بلا منازع .
وفي
يوم الجمعه وصل جلالة الملك وكان بودي ان اذهب لأستقباله في المطار إلا ان الدكتورمدحت سفير جلالته نصحني بعدم الذهاب الى المطار لأن عيني لم يكتمل شفائها بعد العمليه ، ولما وصل جلالته الى الفندق ذهبت وسلمت عليه ، وفي الصباح عدت واستأذنت منه في السفر وودعته ، ثم ذهبنا بعد ذلك الى لوزان ومررنا بمروج تسر الناظرين ، سبحان من كونها ، وفي اليوم التالي توجهنا الى اسطنبول عاصمة الخلافة الأسلامية لما يقارب ستمائة سنة ، فلما بدل اصحابها الدين وأدخلوا عليه ماهو براء منه من البدع والخرافات وتمادوا في انتهاك الحرمات غيَّر الله عليهم ، نسأل الله ان يحفظنا مما وقعوا فيه .
بقينا في
تركيا يومين كنت حريص فيها على زيارة متحف المخطوطات والأثار الذي وجدت فيه مخطوطات عظيمه إلا انه ليس فيها ماهو قديم سوى مصحف عثمان كما يقال
بعد ذلك عدنا الى المملكه حرسها الله ....

 

عنه رحمه الله

عند الحديث عن الوالد رحمة الله عليه يتبادر الى ذهني ماكتبه أحد أصدقائه وهو الأديب الأستاذ عبد الرحمن بن فيصل المعمر الذي كتب مقالة تأبينية في جريدة الجزيرة بعد وفاته كان عنوانها (ورحل عنيف اللسان عفيف الجنان ) .
لقد كان رحمه الله بالفعل عنيفاً .. ولكن غالباً في الحق .. فهو لايجامل ولايداهن إذا اقتنع أن الموقف لايحتمل المجاملة .. صريحاً في تعامله .. لايعرف المراوغ
ة رغم كونه دبلماسياً .. يخشاه الكثير من أصدقائه لأنه يواجههم بما يحاولون اخفاءه وعدم التحدث فيه ، ولكنه لايكترث لذلك لأنه يؤمن بالحكمة القائلة صديقك من صَدَقَك لا من صَدَّقك ، ومن يعرفه جيداً يتقبل منه صراحته لأنه يعلم أنها نابعة من محبته وغيرته على محدثه .
كان رحمه الله عطوفاً كريماً .. أذكر أنني كنت مرافقاً
له مع العائلة في هامبورج بألمانيا وكان معنا مترجم استعننا به من هناك ليتولى ترتيب الحجوزات لدى الأطباء ، ولم يكن هذا المترجم في رأييي على المستوى المطلوب في أدائه لعمله ، فاقترحت على الوالد عند سفرنا أن لايدفع له سوى ماتم الاتفاق معه عليه وأن لايزيد في إكرامه - كعادته رحمه الله - فتظاهر بالموافقه وقمت بمحاسبة المترجم ، وعندما ركبنا الطائرة أخبرتني الوالدة رحمة الله عليها بأن الوالد اعطاه في المطار مبلغاً كبيراً من الريالات في غفلة عني وهو يودعه وطلب منه أن لايخبرني بذلك .. !! وفي هذه الحادثة تبدو عاطفته على ابنه التي تمثلت في مجاملته له وعدم رفضه لطلبه ، كما يبدو كرمه الذي اشتهر به .
عندما عدنا من السودان وأقمنا في الرياض لأول مره كان رحمه الله يدعوا باستمرار اقرباءه واصدقاءه الى منزله لتناول الطعام معه .. وفي فصل الربيع من كل عام يقيم مخيماً كبيراً خارج الرياض يخصص فيه يوماً لأخوته وابناء عمومته من آل عمران ومنهم آل ثنيان وآل عبد القادر و
آل راشد وآل عبيكان ، وكان لهذه المناسبات الدور الكبير بالنسبة لنا نحن ابناءه في معرفة اعمامنا وابناء عمومتنا الكثيرين الذين لم نكن نعرفهم من قبل ، فقد كان حريصا على صلة الرحم ويوصينا بها دائما وقد تمثل ذلك الحرص في اعداده لشجرة نسب آل عمران حرصاً منه على أن يكون أبناء هذه العائله على صلة ومعرفة بأقربائهم ، وقد كتب تعليقاً في هذه الشجرة يقول فيه : { انه يحز في نفسي عندما أسأل احد أبنائنا من العائله فيمن نجتمع نحن وإياه ، فلايزيد القول على أننا من آل عمران ، وهذا مادعاني إلى وضع هذه الشجرة } .
لا أود أن اتحدث عنه كثيراً لأنني مهما قلت فيه فلن أوفيه حقه وسأترك المجال لشقيقتي الكبرى " الجوهرة " لتتحدث عنه قليلاً :
[ طلب مني الأخ خالد بارك الله فيه وجعله عقباً صالحاً هو وإخوانه وأخواته .. طلب مني أن أكتب عن ذكرياتي مع والدي رحمه الله .. فوقفت حائرة هل يكفي أن أكتب عنه لأعبر عن مدى حزني على فقده ؟ نعم .. هل يكفي ذلك ؟ فبكيت وبكيت .. ولكنني تذكرت قول اشرف الخلق صلوات الله وسلامه عليه : " إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك لمحزونون " .. إن العين تبكيه والقلب ينفطر حزناً على فراقه .. لقد فقدنا نحن ابناءه وبالأخص بناته .. فقدنا الأب الحنون العطوف بكل ما في هذه الكلمة من معنى .. لقد كان رحمه الله يصل الرحم ويحثنا على ذلك .. كان كريماً بابه مفتوح دائماً للفقراء قبل الأصدقاء .. يسعى دائماً لعمل الخير فبنى المساجد وطبع
الكتب على نفقته ، وكان كثيراً مايساعد المحتاجين ، فأرجو من الله جلت قدرته أن تكون في موازين حسناته .
كانت اسعد أوقاته رحمه الله عندما يجتمع بأسرته يؤانسهم ويسليهم .. يسأل عن الصغير والكبير من
ابنائه واحفاده .. فلانشعر بالكلفة اثناء وجوده .. كان عطوفاً عاطفة يحكمها العقل .. يبدو في جلسته بيننا كالحكيم أو الفيلسوف يحادث هذا وينصح تلك ويداعب حفيده الصغير بأبوةٍ حانية ..
أذكر عند ولادة ابني سعود وجدته أمامي في المستشفى ومعه احد الاخوان يحمل باقة ورد وانا غير مصدقه فقد زرته بالأمس حي
ن مرض وكان الطبيب يعالجه والآن وفي هذا الوقت المتأخر من الليل يأتي الى المستشفى رغم مرضه !! فحمدت الله على سلامته .. كان مبتسماً فرحاً بقدوم المولود .. فرحته اشد من فرحتي بقدوم ابني ، طلب ان يحضروا له المولود فرفعه بين يديه وقال تلك الكلمات التي لن انساها ماحييت : " اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وضع التوحيد في قلبه وأعن أمه وأبيه على تربيته وقُرَّبه أعين والديه " .

قبل وفاته بحوالي ستة اشهر فقدنا الوالدة رحمها الله ، وقبلها ابن شقيقتي وزوجة اخي .. فقدناهم جميعاً .. ثم اتت قاصمة الظهر بوفاة من كان يعزينا في رحيل احبابنا ... الأب الحنون الذي كان يخفي حزنه ليواسينا .. رحل أعز الأحباب .. رحل من كان يشاركنا همومنا فنشعر بالأمان عندما يرفع يديه بالدعاء لنا .. اليد التي لم تمتد إلا لله سبحانه وتعالى .
اللهم أعلي درجاته وضاعف أجره وأفض على قبره ش
آبيب رحمتك وأسكنه فسيح جناتك .. ولاحول ولاقوة الابالله وإنا لله وإنا إليه راجعون ] .


ودعونا الأن نقرأ المقال الذي سبق ذكره لكاتبه الأستاذ عبد الرحمن المعمر حيث يقول :

      
 ورحل عنيف اللسان عفيف الجنان

 

اسرعت أرد على رنين الهاتف المتواصل صباح يوم الخميس الموافق20/8/1413هـ فإذا المتحدث هو الأخ الصديق محمد بن عبدالله بن فهد الثنيان ينقل لي بتأثر بالغ خبر وفاة الفقيد الكبير العم الشيخ محمد بن عبدالرحمن العبيكان الذي قضى نحبه ولقي ربه ، وتبادلنا العزاء وتذاكرنا طرفا من سيرة الفقيد العطرة وتاريخه الطويل المشرّ ف ، فالشيخ محمد هو عميد أسرة آل عمران الأسرة الكبيرة والشهيرة المعروفة في إقليم العارض بنجد والتي انتشرت في الأحساء والحجاز وسائر أنحاء المملكة .. أما العم الشيخ محمد فهو الذي إذا ذكرت عبارة (الفقيد الكبير) فإنها تنطبق عليه اسما ومسمى ، ومعنى ومبنى ، فهو كبير في سنه وأسرته ، كبير في مروءته وهمته ، كبير في صداقته وخصومته .. عرفت الفقيدالراحل - رحمة الله عليه - منذ سنين ولقيته مرات ومرات في الطائف والرياض ودخلت معه في مناقشات وحوارات اختلف معه أحيانا وألتقي أحيانا.. كنت أغشى داره وأشهد مجلسه وحواره بعد أن فرغ من شواغل الرسميات وتفرغ للقاء الأقارب والأصدقاء والاتصال بالمثقفين والأدباء وترتيب كتبه وجمعها وطبع فهارس لها والجلوس ساعات بينها يطالع ويراجع ويقلب وينقب ويدون ملاحظات وتصويبات يحتفظ بها لنفسه أو يطلع عليها خلصاءه ورواد مجلسه، فتراه أحيانا يمحو مايريد أو يثبِّت مايشاء ويختار.. كان حفياً بكتبه مباهيا بها فخوراً بمكتبته معجباً بما جمع فيها من نوادر الأسفار وفرائد المخطوطات والتحف والآثار.. كان يجلس الساعات تلو الساعات في غرفة المكتبة بداره يستقبل طلاب العلم من زواره بعد أن تقاعد من مهامه الوظيفية، حيث شغل منصب السفير في اليمن والسودان وكان يستريح بالمناقشة والحديث، ويأنس بممارسة هوايته التي شُغل عنها وانشغل سنين وهو يردد بينه وبين نفسه قول الشاعر الكبير فؤا دباشا الخطيب:

     من مخبر القوم شطت دارهم ونأت  

                أني رجعت إلى كتبي وأوراقي

     عفـت السياسـة  حتى لاألــم بــــها   

                وقد رددت عليهـا  كل ميثــاقي

     لأنـــها جشمتني كـــــل  نـــائبــــة   

                وأنــها  كلفتنـي غيـر أخــلاقي
نعم هكذا كان الفقيد الكبير يدندن بهذه الأبيات ومثلها، فشخصية الأديب المنغمس بين الكتب والأوراق تطغي عنده على شخصية السياسي المتقلب في الآفاق، لأن منبته ونشأته وبيئته وأسرته لم تطبعه على المناورة والغموض وأخلاقه وسجاياه لاتسعفه ولاتعسفه ليكون من الماكرين.

وأعود إلى الحديث عن الكتب ، فقد كان - رحمه الله - يجمع الأمهات ويدفع أفضل الأثمان ويقتني نوادر المخطوطات ويجزل العطاء لمن يدله على من يمتلكها، وهكذا حتى جمع في أسفاره ورحلاته وسفراته وجولاته بين الحبشة ومصر والسودان وسوريا واليمن ولبنان الكثير من دور المطبوعات والأسفار والأكثر من أعاجيب التحف والسيوف والأثار.. كان يقف أحياناً بين خزائن الكتب يلقي عليها النظرة تلو النظرة وهو يخفي شيئاً من الحسرة ولسان حاله يتمتم بصمت وأسى وأسف وشجى:

       أقلب كتباً طالما قد جمعتها

               وأفنيت فيها العمر والمال واليدا

       وأعلم حقاً أنني لست باقياً     

               فيا ليت شعــري من يقلبها غدا


ياسبحان الله من ترى اليوم يقلبها بعد أن أردى الردى بصاحبها وطوى الموت تحت التراب جامعها، واخترمت ريب المنون مولاها ومنشيها.

وأعود للحديث عن الفقيد وتحديد مناقبه وسجاياه فقد كان - رحمه الله - واضح الشخصية, شجاعها في إعلان مايبطن، لسن المقول، أشم المعطس، دقيق الملاحظة، سريع النقد، ينفعل ولايفتعل، لايجامل ولايساير، يقول مايعتقد ويعتقد مايقول في زمن كثر فيه المتقلبون وقل الصادقون، لذلك كثر المختلفون معه وقل الموافقون له، فكان يردد دائما القول المنسوب للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه " ماترك لي الصدق من صديق ". كان يواجه الناس برأيه في وجوههم بالصراحة والصرامة فيخافه المناقش ويتردد في الحوار معه كثيراً؛ لذلك كان يطيعه البعض ويسلم له علانية ويعصيه ويخالفه سراً إلا من عرف طبعه وطبيعته وألف سجيته وطريقته. كان عنيف اللسان عفيف الجنان صادقاً مع نفسه وأهله حازماً في تصرفاته ومنزله، حريصاً على التمسك بالشيم العربية والقيم الدينية، يكرم القاصد والضيف ويكره الغبن والحيف، ينصر بجاهه، ويعين المغلوب والمكروب والمسكين، ويطعم القانع والمعتر وابن السبيل.. يحب أهل النبل والفضل، ويمقت أهل السخف والجهل، يقدر ويجل كبار المفكرين والعلماء وينزلهم منازلهم، ويصد ويحجم الأدعياء والسفلة والسفهاء ويرد عليهم في المجالس ويسكتهم ( وهذه خلة وشجاعة أدبية أحبها في الرجل الوجيه، وأكره السلبية والإفراط في الخجل لأنها تنتهي بصاحبها إلى التفريط والفشل ) .

هذه خواطرسريعة أسرعت إلي بعد سماع نعي الفقيد الراحل أكتبها والحزن عليه يتجدد لأن بلادنا ومجتمعنا يفقدان  بغيابه وأمثاله جيلاً وقبيلاً من (الرجال الكبار) الذي كانوا نموذجاً في الخلق الرفيع السامي وإن إختلف الناس معهم أحياناً، وبقية من الصرحاء القلائل وإن أحرجت صراحتهم البعض أحياناً..

رحم الله فقيد البلاد الكبير وأنزله منازل الصادقين والعزاء فيه متصل وموصول لأفراد أسرته الكبيرة والحشود الكثيرة التي عرفته حياً وشيعته ميتاً.

    والحمدلله رب العالمين..

                                                                                          عبدالرحمن بن فيصل المعمر