الإمام عبدالعزيز 

في سنة  1179هـ  تولى الإمام عبدالعزيز الحكم ، وكان الإمام تلميذا للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، فقد اتصل بالشيخ في العيينة قبل قدومه الى الدرعية وطلب منه تفسير سورة الفاتحة ، ثم درس على يد الشيخ في الدرعية بعد ذلك .

عم الامن في عهده حتى اصبحت االخيل والابل تترك في مراعيها ايام الربيع تلقح وتلد في مفاليها ليس عندها الا راع يتعهدها من الضياع وينقلها من مكان الى مكان ومن وجد هملا من اللابل اوغيرها اعادها خوفا من ان تعرف عنده فيعظم جزائه وهذا يحدث لاول مرة في نجد منذ عهد الخلفاء الراشدين .

واصل الإمام عبد العزيز نشاطه العسكري الذي كان قد بدأه في حياة والده الإمام محمد، ولما تولى الحكم اصبح ابنه سعود  يشاركه في قيادة الجيش .

 في عام1183هـ عثرت كتيبة سعودية على جماعة من اهل الحجاز بقيادة الشريف منصور واحضروهم الى الدرعية فأكرمهم الإمام عبد العزيز واطلق سراحهم ، وكان ذلك في آخر عهد الشريف مساعد بن سعيد الذي تولى بعد اخيه مسعود وسار على سيرته في منع الحجاج النجديين من الحج ، ولمااطلق الإمام سراح الشريف منصور سُمح للنجديين بالحج وتحسنت العلاقات بين قادة الدرعية واشراف مكة خاصة بعد ان تولى الشريف احمد بن سعيد سنة 1184هـ ، إذ أنه بعد توليه بعام طلب من قادة الدرعية أن يبعثوا له عالما من علمائهم ليبين لعلماء الحجاز حقيقة الدعوة ، فبعثوا له الشيخ عبدالعزيز الحصين الذي تناقش معهم وعاد معززا مكرما ، ولكن في العام التالي لعودة الشيخ عُزل الشريف احمد وتولى ابن اخيه سرور بن مساعد الذي عاد ومنع النجديين من الحج .

 وفي عام 1187 هـ هرب دهام بن دواس من الرياض ودخلها الإمام عبد العزيز بعدحروب استمرت 28 عاما بين الدولة السعودية وابن دواس حاكم الرياض .

فبعد ان تقدم  العمر بدهام وقُتِل ولديه لجأ الى زعيم بني خالد الذي لامه على تركه الرياض فقال له دهام" لقد حاربت آل سعود حوالي ثلاثين سنه فهل تستطيع انت محاربتهم ثلاثين يوما  ؟؟ " .

وبذلك انتهت مقاومة خصم عنيد ودخل الإمام الرياض دون قتال ، وكان الإستيلاء على الرياض له اهميته الكبيره في تاريخ الدولة السعودية إذ حصلت منه على اموال كثيرة وتخلصت من اقوى خصم نجدي مجاور لها واصبح في امكانها ان ترسل الجيوش الى مناطق بعيدة  دون ان تخشى ضرب مؤخرتها أو قطع مواصلاتها .

 وفي العام التالي تخلصت الدولة السعودية من خصم آخر وهو زعيم بني خالد عريعر بن دجين الذي توفي سنة 1188هـ في بريده بعد أن استولى عليها ، ولما توفي انسحبت قواته الى الأحساء .

 وفي عام 1199هـ استولى الامير سعود على الدلم وجعل سليمان بن عفيصان اميرا عليها ، فقد كان اميرها السابق زيد بن زامل حليف دهام وبعد هروب دهام رفض ابن زامل الانصياع للدعوة فقام سعود بمحاربته فلجأ الى المكرمي في نجران واغراه بالمال لمساعدته فساعده على الهجوم على الدرعية ،  ولكن القوات السعودية هزمتهم .

استطاعت الدولة السعودية السيطره على المناطق الجنوبة كحوطة بني تميم والحريق وكذلك وادي الدواسر الذي وفد الى الدرعية عددا من زعمائه معلنين ولائهم لقادتها .

في عام 1201هـ زحف امير المنتفق ثويني بن عبدالله آل شبيب على القصيم وحصل قتال كبير بين الطرفين ، وفي اثناء القتال وردت اخبار الى ثويني بحدوث مشاكل في بلاده فانسحب .

 في عام 1202هـ  خضعت القصيم للدولة السعودية ، وكان لحجيلان بن حمد امير بريدة دوراً كبيراً في تثبيت الحكم السعودي في القصيم وفي جبل شمر، وفي نفس العام توفي الشريف سرور وحل محله اخوه غالب الذي قضى السنتين الأولى من حكمه في تثبيت أموره الداخليه ، ثم طلب من السعوديين ارسال عالما من علمائهم للتباحث معه حول مبادئ الدعوة ، فأرسلوا له الشيخ الحصين مرة اخرى ، ولكن علماء الحجاز بإيحاء من الشريف رفضوا التباحث معه ، فقد كان هدفه من ذلك التظاهر أمام المسلمين بحسن النيه تمهيدا لما سيقوم به من أعمال عسكرية ضد السعوديين ، وهذا ماقام به فعلا بعد ذلك ، ففي عام 1205 هـ خرج الشريف غالب وحاصر " الشعراء " ولكنه لم يحرز اي انتصار فعاد الى مكة .

في سنة 1206هـ  توفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي عاش في حكم الإمام عبد العزيز 27 عاماً .

بعد دخول القصيم وجبل شمر تحت نفوذ الدولة السعودية اتجهت الأنظار الى الجوف واستطاعت القوات السعودية بقيادة محمد بن معيقل امير الوشم السيطرة على الجوف سنة 1208 وتم ربط تلك المنطقة بامير الجبل محمد بن عبدالمحسن بن علي الذي قام بجهود كبيرة في الإستيلاء على خيبر وتيماء ووادي السرحان حتى اصبح شمال الجزيرة كله جزء من الدولة السعودية ، وفي نفس العام 1208هـ ايضا استولوا على الاحساء

في عام1210هـ قام الشريف غالب بحملة على نجد ، ولكن القوات السعودية بقيادة امير قحطان هادي بن قرمله هزمتهم في الجمَّانيه وغنمت منهم غنائم كثيرة .

في عام 1211هـ ادركت الدولة العثمانية قوة الدرعية  فارادت الحد من توسعها ، وكان ثويني زعيم المنتفق معتقلا في بغداد ويطمع في أن يعيد له سليمان باشا  زعامة المنتفق فعفى عنه الباشا وعزل ابن اخيه حمود بن ثامر عن إمارة المنتفق وعينه عليها وجهزه ليقوم بحملة على نجد ، فسار ثويني ونزل بقرب الأحساء ، وأثناء تواجده في خيمته قام احد عبيد بني خالد بقتله ، وقُتل العبد في الحال ، فتفرق الجيش وانسحب من بقي منه فتبعهم الأمير سعود وقتل الكثير منهم وتبعهم الى ان دخلوا الكويت ثم عاد الى الأحساء ، ولم تغفر الدرعية لبغداد حملتها تلك ، فأمرت الأمير سعود بمهاجمة العراق فسار بجيشه حتى دخل مدينة سوق الشيوخ مقر إمارة المنتفق وهاجمها ثم اتجه الى قرب السماوة حيث يوجد عدد من القبائل التابعة للعراق من شمر والظفير فهاجمهم ، وقُتل في تلك المعركه مطلق الجربا زعيم شمر.

في عام 1212هـ خرج ابن ربيعان زعيم الروقة من عتيبة عن طاعة الشريف وانضم الى الدولة السعودية ، وفعل مثله زعماء البقوم الأزديون .

وفي العام التالي استولى نابليون على مصر وسرت شائعات بأنه سيقوم باحتلال الحجاز فسعى الشريف غالب الى الصلح مع قادة الدرعية وعقد معهم هدنة  مدتها ستة اعوام على ان يسمح للنجديين بالحج وأن يتم تحديد القبائل التابعة لكل منهما .

في عام 1216 جهزت الدرعية جيشا بقيادة الأمير سعود فسار الى العراق ودخل كربلاء وهدم القبور الموجودة بها .

وفي عام 1217هـ  خرجت بعض القبائل التابعة للشريف عن طاعته وانضمت الى الدولة السعودية فاعتقد الشريف أن السعوديين يتآمرون عليه باغراء القبائل التابعة له بالخروج عن طاعته ، فأرسل صهره عثمان المضايفي رئيس قبيلة عدوان  ( وقبيلة عدوان عدنانية تنسب الى عمرو بن قيس عيلان الذي اعتدى على اخيه فقتله وسمي عدوان ) ارسل صهره المضايفي ليتفاوض مع الدولة السعودية فوجد من السعوديين ماجعله يطمئن الى حسن نواياهم ، ولما عاد الى الحجاز اختلف مع الشريف وانضم الى جانب السعوديين ، كما انضمت منطقة عسير الى الدولة السعودية بقيادة عبدالوهاب ابو نقطه الذي كان متحمسا للدعوه .

 اتخذ المضايفي بلدة عبيلا بقرب الطائف مركزا له بعد انفصاله عن الشريف وانضمت اليه القبائل التي لاتميل الى الشريف ، فقام الشريف غالب بمهاجمته فتصدى له ، ثم اتته امدادات من القبائل التابعة للدولة السعودية فزحف بها على الطائف واستولى عليها بعد أن فر منها الشريف الى مكة ، ولما علم الأمير سعود بذلك توجه بقواته سنة 1218هـ الى مكة بعد ان تركها الشريف غالب ورحل الى جدة  تاركا اخاه عبدالمعين فيها ، فقام هذا الاخير بالكتابة الى الأمير سعود يعرض عليه الولاء على ان يبقيه على مكة  فوافق ودخل سعود مكة  دون قتال وازال مافيها من قباب والغى الضرائب الجائرة ، كما كتب الى السلطان سليم الثالث ليمنع والي مصر ووالي دمشق من ارسال المحمل الذي تصاحبه الطبول ، ثم اتجه الى جدة وحاصرها ، ولكنه وجد تحصيناتها قوية  فتركها وعاد الى الدرعية ، وبعد مغادرته الى الدرعية ، قام الشريف غالب بالعودة الى مكة والاستيلاء عليها

في عام 1218هـ  قُتل الإمام عبد العزيز بمسجد الطِريِّف بالدرعية ، فقد احدث الهجوم الذي كان الأمير سعود قد شنه على كربلاء  نقمة الكثير من العراقيين ، فقام رجل كردي وصمم على الذهاب الى الدرعية لينتقم من الإمام ، فتنكر مدعيا الورع وانه اعتنق الدعوة ويطلب الاستزادة من دروس التوحيد ، فاكرمه الإمام ، وكان الرجل يظهر الحرص على الصلاة في مسجد الطريّف خلف الإمام ، وفي احد الأيام وثب على الإمام وهو ساجد وطعنه بخنجر وقتله ، ثم قام على عبدالله اخو الإمام  وأراد قتله ، ولكن عبدالله نهض وضرب القاتل وصرعه  فتكاثر عليه الناس وقتلوه .