راكان بن حثلين
كانت زعامة العجمان في عهد الإمام تركي لفلاح بن حثلين والد راكان ، وبعد قتل فلاح أصبح أخوه حزام شيخا للقبيلة وراكان الساعد الأيمن لعمه ، ثم تنازل حزام بعد أن كبر في السن لراكان في عام 1276هـ/1859م ، وفي نفس العام أغار راكان على إبل للإمام وسلبها ، ثم اتجه الى الصبيحة على حدود الكويت ، فقام عبدالله بملاحقته ، والتقى بفريق من العجمان في الوفرة وهزمهم ، ثم اتجه الى الصبيحة فوجد فيها فريقا آخرفهزمه أيضا ، وكان راكان قد تحرك الى الجهراء بمن معه ، فلحقهم عبدالله وتغلب عليهم في معركة ملح فلجأوا الى الكويت محتمين بالشيخ صباح بن جابر، فأرسل الأمير عبدالله الى الشيخ صباح يطلب منه اخراجهم من الكويت، ولكن الرسول الذي بعثه الامير لم يحسن التعبير في أداء الرسالة واستعمل عبارات قاسية اغضبت الشيخ صباح فرفض اخراجهم ، ولما علم الأمير عبد الله سائه ما بدر من الرسول ، أرسل رسولا آخر ليعتذر للشيخ صباح ، فقبل الشيخ عذره ، وعاد الأمير الى الرياض ، ولما تأكد العجمان من مغادرة الأمير عبد الله خرجوا من الكويت وتحالفوا مع المنتفق والظفير في محاربة آل سعود وقاموا بشن الغارات على القبائل النجدية ، فسار اليهم الأمير عبد الله ولاقاهم بقرب الجهراء وهزمهم في تلك المعركة التي كانت على شاطئ البحر وغرق فيها اكثر العجمان ، وسميت تلك المعركة بسنة الطبعة ، اي الغرق ، وكانت في عام 1277هـ ، ولكن راكان استطاع ان يخترق الصفوف بمن تبعه ويفر بزوجته على فرسه وهو يقول :
يا قومنا مامن صديق جمعين والثالث بحر
والله لابوج لها الطريق لعيـون براق النحـر
أما من سلم من العجمان بعد المعركة فقد رحلوا الى نجران .
ولجأ راكان بعد ذلك الى البحرين وأقام لدى آل خليفة ست سنوات، وبعد وفاة الإمام فيصل اعتذر من الإمام عبدالله فسمح له بالعودة .
اشترك راكان بعد ذلك في المعارك التي دارت بين الإمام عبدالله وأخوه سعود ، وكان يحارب إلى جانب سعود ، وفي احدى المعارك كان السبعان بقيادة عساف ابوثنين مع قوات عبدالله التي يقودها محمد ، ولما رأى راكان عساف اقترب منه ونزل عن فرسه وقال له : "ياعم .. اركب هذي أليَن لك " وكان بذلك يريد من عساف أن ينسحب من المعركة.. فانسحب عساف وقومه السبعان وانهزم محمد وأسر وتم سجنه في الأحساء .
ولما احتل الأتراك الأحساء عام 1288هـ/1871م أسروا راكان ونفوه الى احدى الولايات العثمانية - بلغاريا- وبقي هناك حوالي سبع سنوات ، وأثناء اسره اشترك إلى جانب الأتراك ، في حرب الصرب ، ضد روسيا ، وأجاد في القتال فعفى عنه السلطان عبدالحميد الثاني عام1294هـ/1877م وعاد بعد أن كبر في السن ، وتوفي عام 1310هـ/1892م عن عمر يناهز الثمانين عاما.
ويروى عن راكان أنه كان قد تعلق في شبابه بحب فتاة من القبيلة ، ولكنها كانت محجورة لأبن عمها ، وحاول والده أن يثنيه عنها فرفض أي فتاة سواها ، وفي أحد الأيام زار ضيدان بن حزام عمه فلاح وعلم منه بما يعانيه راكان من حب الفتاة التي حجرها ابن عمها ، وبالمصادفة جاء ابن عم الفتاة لزيارة الشيخ فلاح فقال له ضيدان " هل تبيعني فلانه - يقصد رفع الحجر عنها - وأنا لاأريدها لنفسي وإنما أريد تحريرها لتختار من تشاء، فقال ابن عمها : نعم أبيعها لك بفرسك وبندقيتك . وكان ثمن الفرس والبندقية بأكثر من ستين ناقة ، وحاول فلاح أن يثني ضيدان عن ذلك فحلف ضيدان أنه سيقتل الفرس ببندقيته إن لم يتم البيع ، وتم تحرير الفتاة .. فقال فلاح هذه الأبيات يبشر بها ابنه بهذا الخبر السعيد:
يامن يبشــر باريش العـين راكان حــنا شرينـــاها وخلّص نشبــها
شرّايـــها في غالي السوق ضيدان ببنت الأصيل اللي طويل حجبها
كله لعينا وقفتــه بين الأظعـــــان يومه يخايل وين حــروة عربــها
مايهتني بالبيت راقـــد وسهـــران ماكثر نجوم الليل ياللي حســــبها